للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغسله بسبع قرب من سبعة آبار ففعلنا ذلك فوجد راحة فخرج فصلى بالناس واستغفر لأهل أحد ودعا لهم وأوصى بالأنصار فقال أما بعد يا معشر المهاجرين فإنكم تزيدون وأصبحت الأنصار لا تزيد على التى هي عليها اليوم وإن الأنصار عيبتي التي أويت إليها فأكرموا كريمهم يعنى محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم ثم قال إن عبدا خير بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله فبكى أبو بكر رضي الله عنه وظن أنه يريد نفسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم على رسلك يا أبا بكر سدوا هذه الأبواب الشوارع في المسجد إلا باب أبي بكر فإني لا أعلم أمرا أفضل عندي في الصحبة من أبي بكر (١) قالت عائشة رضي الله عنها فقبض صلى الله عليه وسلم في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري وجمع الله بين ريقي وريقه عند الموت فدخل على أخي عبد الرحمن وبيده سواك فجعل ينظر إليه فعرفت انه يعجبه ذلك فقلت له آخذه لك فأومأ برأسه أن نعم فناولته إياه فأدخله في فيه فاشتد عليه فقلت إلينه لك فأومأ برأسه أن نعم فلينته وكان بين يديه ركوة ماء فجعل يدخل فيها يده ويقول لا إله إلا الله إن للموت لسكرات ثم نصب يده يقول الرفيق الأعلى الرفيق الأعلى فقلت إذن والله لا يختارنا (٢) وروى سعيد بن عبد الله عن أبيه قال لما رأت الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم يزداد ثقلا أطافوا بالمسجد فدخل العباس رضي الله عنه على النبي صلى الله عليه وسلم فأعلمه بمكانهم وإشفاقهم ثم دخل عليه الفضل فأعلمه بمثل ذلك ثم دخل عليه علي رضي الله عنه فأعلمه بمثله فمد يده وقال ها فتناولوه فقال {ما تقولون} قالوا نقول نخشى أن تموت وتصايح نساؤهم لاجتماع رجالهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فثار رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج متوكئا على علي والفضل والعباس أمامه ورسول الله صلى الله عليه وسلم معصوب الرأس يخط برجليه حتى جلس على أسفل مرقاة من المنبر وثاب الناس إليه فحمد الله وأثنى عليه وقال أيها الناس إنه بلغني أنكم تخافون على الموت كأنه استنكار منكم للموت وما تنكرون من موت نبيكم ألم أنع إليكم وتنعى إليكم أنفسكم هل خلد نبي قبلي فيمن بعث فأخلد فيكم ألا إني لاحق بربي وإنكم لاحقون به وإني أوصيكم بالمهاجرين الأولين خيرا وأوصي المهاجرين فيما بينهم فإن الله عز وجل قال وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمنوا إلى آخرها وإن الأمور تجري بإذن الله فلا يحملنكم استبطاء أمر على استعجاله فإن الله عز وجل لا يعجل لعجلة أحد ومن غالب الله غلبه ومن خادع الله خدعه فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم وأوصيكم بالأنصار خيرا فإنهم الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلكم أن تحسنوا إليهم ألم يشاطروكم الثمار ألم يوسعوا عليكم في الديار ألم يؤثروكم على أنفسهم وبهم الخصاصة ألا فمن ولي أن يحكم بين رجلين فليقبل من محسنهم وليتجاوز عن مسيئهم ألا ولا تستأثروا عليهم ألا وإني فرط لكم وأنتم لاحقون بي ألا وإن موعدكم الحوض حوضي أعرض مما بين بصرى الشام وصنعاء اليمن يصب فيه ميزاب الكوثر ماؤه أشد بياضاً من اللبن وألين من الزبد وأحلى من الشهد من شرب منه لم يظمأ أبدا حصباؤه اللؤلؤ وبطحاؤه المسك من حرمه في الموقف غدا حرم الخير كله ألا فمن أحب أن يرده علي غدا فليكفف لسانه ويده إلا مما ينبغي فقال العباس يا نبي الله أوص بقريش فقال إنما أوصي بهذا الأمر قريشا والناس تبع لقريش برهم لبرهم وفاجرهم لفاجرهم فاستوصوا آل قريش بالناس خيرا يا أيها الناس إن الذنوب تغير النعم وتبدل القسم فإذا بر الناس برهم أئمتهم وإذا فجر الناس عقولهم قال الله تعالى وكذلك نولى


(١) حديث عائشة أمرنا أن نغسله بسبع قرب من سبعة آبار فنعلنا ذلك فوجد راحة فخرج فصلى في الناس واستغفر لأهل احد الحديث أخرجه الدارمي في مسنده وفيه إبراهيم بن المختار مختلف فيه عن محمد بن اسحق وهو مدلس وقد رواه بالعنعنة
(٢) حديث عائشة قبض في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري وجمع الله بين ربقي صوريقه عند الموت الحديث متفق عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>