للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنت أسمع الناس يقولون شيئا وكنت أقوله فيقولان إن كنا لنعلم أنك تقول ذلك ثم يقال للأرض التئمي عليه فتلتئم عليه حتى تختلف فيها أضلاعه فلا يزال معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك (١) وعن عطاء بن يسار قال قال رسول الله لعمر بن الخطاب رضي الله عنه يا عمر كيف بك إذا انت مت فانطلق بك قومك فقاسوا لك ثلاثة أذرع في ذراع وشبر ثم رجعوا إليك فغسلوك وكفنوك وحنطوك ثم احتملوك حتى يضعوك فيه ثم يهيلوا عليك التراب ويدفنوك فإذا انصرفوا عنك أتاك فتانا القبر منكر ونكير أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف يجران أشعارهما ويبحثان القبر بأنيابهما فتلتلاك وترتراك كيف بك عند ذلك يا عمر فقال عمر ويكون معى مثل عقلي الآن قال {نعم} قال إذن أكفيكهما (٢) وهذا نص صريح في أن العقل لا يتغير بالموت إنما يتغير البدن والأعضاء فيكون الميت عاقلا مدركا عالما بالآلام واللذات كما كان لا يتغيرمن عقله شيء وليس العقل المدرك هذه الأعضاء بل هو شيء باطن ليس له طول ولا عرض بل الذي لا ينقسم في نفسه هو المدرك للأشياء ولو تناثرت أعضاء الإنسان كلها ولم يبق إلا الجزء المدرك الذى لا يتجزأ ولا ينقسم لكان الإنسان العاقل بكماله قائما باقيا وهو كذلك بعد الموت فإن ذلك الجزء لا يحله الموت ولا يطرأ عليه العدم وقال محمد بن المنكدر بلغنى أن الكافر يسلط عليه في قبره دابة عمياء صماء في يدها سوط من حديد في رأسه مثل غرب الجمل تضربه به إلى يوم القيامة لا تراه فتتقيه ولا تسمع صوته فترحمه وقال أبو هريرة إذا وضع الميت في قبره جاءت أعماله الصالحة فاحتوشته فإن أتاه من قبل رأسه جاء قراءته للقرآن وإن أتاه من قبل رجليه جاء قيامه وإن أتاه من قبل يده قالت اليدان والله لقد كان يبسطني للصدقة والدعاء لا سبيل لكم عليه وإن جاء من قيل فيه جاء ذكره وصيامه وكذلك تقف الصلاة والصبر ناحية فيقول أما إني لو رأيت خللا لكنت أنا صاحبه قال سفيان تجاحش عنه أعماله الصالحة كما يجاحش الرجل عن أخيه وأهله وولده ثم يقال له عند ذلك بارك الله لك في مضجعك فنعم الأخلاء أخلاؤك ونعم الأصحاب أصحابك وعن حذيفة قال كنا مع رسول صلى الله عليه وسلم في جنازة فجلس على رأس القبر ثم جعل ينظر فيه ثم قال يضغط المؤمن في هذا ضغطة ترد منه حمائله (٣) وقالت عائشة رضي الله عنها قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن للقبر ضغطة ولو سلم أو نجا منها أحد لنجا سعد بن معاذ (٤) أحمد وعن أنس قال توفيت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت امرأة مسقامة فتبعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فساءنا حاله فلما انتهينا إلى القبر فدخله انتقع وجهه صفرة فلما خرج أسفر وجهه فقلنا يا رسول الله رأينا منك شأنا فمم ذلك قال ذكرت ضغطة ابنتي وشدة عذاب القبر فأتيت فأخبرت أن الله قد خفف عنها وقد ضغطت ضغطة سمع صوتها ما بين الخافقين (٥)


(١) حديث أبي هريرة إذا مات العبد أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما منكر وللآخر نكير الحديث أخرجه الترمذي وحسنه وابن حبان مع اختلاف
(٢) حديث عطاء بن يسار قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر ابن الخطاب يا عمر كيف بك إذا أنت مت فانطلق بك قومكفقاسوا لك ثلاثة أذرع في ذراع وشبر الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب القبور هكذا مرسلا ورجاله ثقات قال البيهقي في الاعتقاد رويناه من وجه صحيح عن عطاء بن يسار مرسلا قلت ووصله ابن بطة في الأبانة من حديث ابن عباس ورواه البيهقي في الاعتقاد من حديث عمر وقال غريب بهذا الأسناد تفرد به مفضل ولأحمد وابن حبان من حديث عبد الله بن عمر فقال عمر أيرد إلينا عقولنا فقال نعم كهيئتكم اليوم فقال عمر بغية الحجر
(٣) حديث حذيفة كنت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جنازة فجلس على رأس القبر ثم جعل ينظر فيه الحديث رواه أحمد
(٤) حديث عائشة إن للقبر ضغطة لو سلم أو نجا منها أحد لنجا سعد بن معاذ رواه
(٥) حديث أنس توفيت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت امرأة مسقامة الحديث وفيه لقد ضغطت ضغطة سمع صوتها ما بين الخافقين أخرجه ابن أبي الدنيا في الموت

<<  <  ج: ص:  >  >>