للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله زلفى فلنذكر بعدها ما بين يدى الموتى من ابتداء نفخة الصور إلى آخر القرار إما فى الجنة أو فى النار والحمد لله حمد الشاكرين الشطر الثانى

من كتاب ذكر الموت فى أحوال الميت من وقت نفخة الصور إلى آخر الاستقرار فى الجنة أو فى النار وتفصيل ما بين يديه من الأهوال والأخطار

وفيه بيان نفخة الصور

وصفة أرض المحشر وأهله

وصفة طول يوم القيامة

وصفة يوم القيامة ودواهيها وأساميها

وصفة المساءلة عن الذنوب

وصفة الميزان وصفة الخصماء ورد المظالم

وصفة الصراط

وصفة الشفاعة

وصفة الحوض

وصفة جهنم وأهوالها وأنكالها وحياتها وعقاربها

وصفة الجنة وأصناف نعيمها وعدد الجنان وأبوابها وغرفها وحيطانها وأنهارها وأشجارها ولباس أهلها وفرشهم وسررهم وصفة طعامهم وصفة الحور العين والولدان

وصفة النظر إلى وجه الله تعالى

وباب في سعة رحمة الله تعالى وبه ختم الكتاب إن شاء الله تعالى صفة نفخة الصور

قد عرفت فيما سبق أحوال الميت فى سكرات الموت وخطره فى خوف العاقبة ثم مقاساته لظلمة الْقَبْرِ وَدِيدَانِهِ ثُمَّ لِمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَسُؤَالِهِمَا ثُمَّ لِعَذَابِ الْقَبْرِ وَخَطَرِهِ إِنْ كَانَ مَغْضُوبًا عَلَيْهِ

وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ الْأَخْطَارُ الَّتِي بَيْنَ يديه من نفخ الصور وبعث يَوْمَ النُّشُورِ وَالْعَرْضِ عَلَى الْجَبَّارِ وَالسُّؤَالِ عَنِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَنَصْبِ الْمِيزَانِ لِمَعْرِفَةِ الْمَقَادِيرِ ثُمَّ جواز الصراط مع دقته وحدته ثُمَّ انْتِظَارِ النِّدَاءِ عِنْدَ فَصْلِ الْقَضَاءِ إِمَّا بِالْإِسْعَادِ وَإِمَّا بِالْإِشْقَاءِ فَهَذِهِ أَحْوَالٌ وَأَهْوَالٌ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ مَعْرِفَتِهَا ثُمَّ الْإِيمَانِ بِهَا عَلَى سَبِيلِ الْجَزْمِ وَالتَّصْدِيقِ ثُمَّ تَطْوِيلِ الْفِكْرِ فِي ذَلِكَ لِيَنْبَعِثَ مِنْ قَلْبِكَ دَوَاعِي الِاسْتِعْدَادِ لَهَا وَأَكْثَرُ النَّاسِ لَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ صَمِيمَ قُلُوبِهِمْ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ سُوَيْدَاءِ أَفْئِدَتِهِمْ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ شِدَّةُ تَشَمُّرِهِمْ وَاسْتِعْدَادِهِمْ لِحَرِّ الصَّيْفِ وَبَرْدِ الشِّتَاءِ وَتَهَاوُنِهِمْ بِحَرِّ جَهَنَّمَ وَزَمْهَرِيرِهَا مَعَ مَا تَكْتَنِفُهُ مِنَ الْمَصَاعِبِ وَالْأَهْوَالِ بَلْ إِذَا سُئِلُوا عَنِ الْيَوْمِ الْآخِرِ نَطَقَتْ بِهِ أَلْسِنَتُهُمْ ثُمَّ غَفَلَتْ عَنْهُ قُلُوبُهُمْ وَمَنْ أُخْبِرَ بِأَنَّ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الطَّعَامِ مسموم فقال لصاحبه الذى أبصر صدقت ثم مد يديه لِتَنَاوُلِهِ كَانَ مُصَدِّقًا بِلِسَانِهِ وَمُكَذِّبًا بِعَمَلِهِ وَتَكْذِيبُ العمل أبلغ من تكذيب اللسان

وقد قال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ تعالى شتمنى ابن آدم وما ينبغى له أن يشتمنى وكذبنى وما ينبغى له أن يكذبنى أما شتمه إياى فيقول إن لى ولدا وأما تكذيبه فقوله لن يعيدنى كما بدأنى (١) وإنما فتور البواطن عن قوة اليقين والتصديق بالبعث والنشور لقلة الفهم فى هذا العالم لأمثال تلك الأمور ولو لم يشاهد الانسان توالد الحيوانات وقيل له إن صانعا يصنع من النطفة القدرة مثل هذا الآدمى المصور العاقل المتكلم المتصرف لاشتد نفور باطنه عن التصديق به ولذلك قال الله تعالى {أو لم يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هو خصيم مبين} وقال تعالى {أيحسب الإنسان أن يترك سدى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى} ففى خلق الآدمى مع كثرة عجائبه واختلاف تركيب أعضائه أعاجيب تزيد على الأعاجيب فى بعثه وإعادته فكيف ينكر ذلك من قدرة الله تعالى وحكمته من يشاهد


(١) حديث قال الله تعالى شمتنى ابن آدم وما ينبغى له أن يشتمنى وكذبنى ما ينبغى له أن يكذبنى الحديث أخرجه البخارى من حديث أبى هريرة

<<  <  ج: ص:  >  >>