للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أنس بن مالك يؤتى بأنعم الناس في الدنيا من الكفار فيقال اغمسوه في النار غمسة ثم يقال له هل رأيت نعيما قط فيقال لا ويؤتى بأشد الناس ضراً في الدنيا فيقال اغمسوه في الجنة غمسة ثم يقال له هل رأيت ضراً قط فيقول لا وقال أبو هريرة لو كان في المسجد مائة ألف أو يزيدون ثم تنفس رجل من أهل النار لماتوا وقد قال بعض العلماء في قوله {تلفح وجوههم النار} إنها لفحتهم لفحة واحدة فما أبقت لحماً على عظم إلا ألقته عند أعقابهم

ثم انظر بعد هذا في نتن الصديد الذي يسيل من أبدانهم حتى يغرقون فيه وهو الغساق قال أبو سعيد الخدري قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لو أن دلواً من غساق جهنم ألقى في الدنيا لأنتن أهل الأرض (١) فهذا شرابهم إذا استغاثوا من العطش فيسقى أحرهم من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو يميت وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً

ثم انظر إلى طعامهم وهو الزقوم كما قال الله تعالى {ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم} وقال تعالى {إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم} وقال تعالى {تصلى ناراً حامية تسقى من عين آنية} وقال تعالى {إن لدينا أنكالاً وجحيماً وطعاماً ذا غصة وعذاباً أليماً} وقال ابن عباس قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لو أن قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدنيا أفسدت على أهل الدنيا معايشهم (٢) فكيف من يكون طعامه ذلك وقال أنس قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ارغبوا فيما رغبكم الله واحذروا وخافوا ما خوفكم اللهبه من عذابه وعقابه ومن جهنم فإنه لو كانت قطرة من الجنة معكم في دنياكم التي أنتم فيها طيبها لكم ولو كانت قطرة من النار معكم في دنياكم التي أنتم فيها خبثتها عليكم (٣) وقال أبو الدرداء قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع ويستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة فيذكرون كما كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بشراب فيستغيثون بشراب فيرفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد فإذا دنت من وجوههم شوت وجوههم فإذا دخل الشراب بطونهم قطع ما في بطونهم فيقولون ادعوا خزنة جهنم قال فيدعون خزنة جهنم أن ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب فيقولون أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال قال فيقولون ادعوا مالكاً فيدعون فيقولون يا مالك ليقض علينا ربك قال فيجيبهم إنكم ماكثون (٤) قال الأعمش أنبئت أن بين دعائهم وبين إجابة مالك إياهم ألف عام قال فيقولون ادعوا ربكم فلا أحد خير من ربكم فيقولون ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال فيجيبهم اخسئوا فيها ولا تكلمون {قال}


(١) حديث أبي سعيد الخدري لو أن دلو من غساق ألقى في الدنيا لأنتن أهل الأرض أخرجه الترمذى وقال إنما نعرفه من حديث رشد بن سعد وفيه ضعف
(٢) حديث ابن عباس لو أن قطرة من الزقوم قطرت فى دار الدنيا أفسدت على أهل الأرض معاشهم الحديث أخرجه الترمذى وقال حسن صحيح وابن ماجه
(٣) حديث أنس ارغبوا فيما رغبكم فيه واحذروا وخافوا مما خوفكم به من عذاب الله وعقابه من جهنم الحديث لم أجد له إسنادا
(٤) حديث أبى الدرداء يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون بالطعام الحديث أخرجه الترمذى من رواية سمرة بن عطية عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن أبى الدرداء قال الدارمى والناس لا يعرفون هذا الحديث وإنما روى عن الأعمش عن سمرة بن عطية عن شهر عن أم الدرداء عن أبى الدرداء قوله

<<  <  ج: ص:  >  >>