للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبأن لا يأخذ عليها أجرة فقد أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عثمان بن أبي العاص الثقفي وقال اتخذ مؤذناً لا يأخذ على الأذان أجراً (١) فالأذان طريق إلى الصلاة فهي أولى بأن لا يؤخذ عليها أجر فإن أخذ رزقاً من مسجد قد وقف على من يقوم بإمامته أو من السلطان أو آحاد الناس فلا يحكم بتحريمه ولكنه مكروه

والكراهية في الفرائض أشد منها في التراويح وتكون أجرة له على مداومته على حضور الموضع ومراقبة مصالح المسجد في إقامة الجماعة لا على نفس الصلاة

وَأَمَّا الْأَمَانَةُ فَهِيَ الطَّهَارَةُ بَاطِنًا عَنِ الْفِسْقِ وَالْكَبَائِرِ وَالْإِصْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ فَالْمُتَرَشِّحُ لِلْإِمَامَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْتَرِزَ عَنْ ذَلِكَ بِجُهْدِهِ فَإِنَّهُ كَالْوَفْدِ وَالشَّفِيعِ لِلْقَوْمِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خَيْرَ الْقَوْمِ وَكَذَا الطَّهَارَةُ ظَاهِرًا عَنِ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ فَإِنَّهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ سِوَاهُ فَإِنْ تَذَكَّرَ فِي أَثْنَاءِ صَلَاتِهِ حَدَثًا أَوْ خَرَجَ مِنْهُ رِيحٌ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِيَ بَلْ يَأْخُذُ بِيَدِ من يقرب منه ويستخلفه فقد تذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنابة في أثناء الصلاة فاستخلف واغتسل ثم رجعودخل في الصلاة (٢) وقال سفيان صل خلف كل بر وفاجر إلا مدمن خمر أو معلن بالفسوق أو عاق لوالديه أو صاحب بدعة أو عبد آبق

الخامسة أَنْ لَا يُكَبِّرَ حَتَّى تَسْتَوِيَ الصُّفُوفُ فَلْيَلْتَفِتْ يَمِينًا وَشِمَالًا فَإِنْ رَأَى خَلَلًا أَمَرَ بِالتَّسْوِيَةِ

قِيلَ كَانُوا يَتَحَاذَوْنَ بِالْمَنَاكِبِ وَيَتَضَامُّونَ بِالْكِعَابِ

وَلَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَفْرَغَ الْمُؤَذِّنُ مِنَ الْإِقَامَةِ

وَالْمُؤَذِّنُ يُؤَخِّرُ الْإِقَامَةَ عَنِ الْأَذَانِ بِقَدْرِ اسْتِعْدَادِ النَّاسِ في الصلاة

ففي الخبر ليتمهل المؤذن بين الأذان والإقامة بقدر ما يفرغ الآكل من طعامه والمعتصر من اعتصاره (٣) وذلك لأنه نهى عن مدافعة الأخبثين (٤) وأمر بتقديم العشاء على العشاء (٥) طلباً لفراغ القلب

السادسة أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَسَائِرِ التَّكْبِيرَاتِ وَلَا يَرْفَعُ الْمَأْمُومُ صَوْتَهُ إِلَّا بِقَدْرِ مَا يسمع نفسه

وينوي الإمامة لينال الفضل فإن لم ينو صحت صلاته وصلاة القوم إذا نووا الاقتداء

ونالوا فضل القدوة وهو لا ينال فضل الإمامة وليؤخر المأموم تكبيره عن تكبيرة الإمام فيبتدىء بعد فراغه والله أعلم

وأما وظائف القراءة فثلاثة

أَوَّلُهَا أَنْ يُسِرَّ بِدُعَاءِ الِاسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ كَالْمُنْفَرِدِ وَيَجْهَرَ بِالْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ بَعْدَهَا فِي جَمِيعِ الصُّبْحِ وأوليي الْعِشَاءِ وَالْمَغْرِبِ وَكَذَلِكَ الْمُنْفَرِدُ

وَيَجْهَرُ بُقُولِهِ {آمِينَ} فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ وَكَذَا الْمَأْمُومُ وَيَقْرِنُ الْمَأْمُومُ تأمينه بتأمين الإمام معاً لا تعقيباً (٦) ويجهر ب {بسم الله الرحمن الرحيم} والأخبار فيه متعارضة (٧) واختيار الشافعي رضي الله عنه الجهر الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ لِلْإِمَامِ فِي الْقِيَامِ ثَلَاثُ سكتات (٨) هكذا رواه سمرة بن جندب وعمران بن الحصين عن


(١) حديث اتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجرة أخرجه أصحاب السنن والحاكم وصححه من حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي
(٢) حديث تذكر النبي صلى الله عليه وسلم الجنابة في صلاته فاستخلف واغتسل ثم رجع أخرجه أبو داود من حديث أبي بكرة بإسناد صحيح وليس فيه ذكر الاستخلاف وإنما قال ثم أومأ إليهم أن مكانكم الحديث وورد الاستخلاف من فعل عمر وعلي وعند البخاري استخلاف عمر في قصة طعنه
(٣) حديث يمهل المؤذن بين الأذان والإقامة بقدر ما يفرغ الآكل من طعامه والمعتصر من اعتصاره أخرجه الترمذي والحاكم من حديث جابر يا بلال اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته قال الترمذي إسناده مجهول وقال الحاكم ليس في إسناده مطعون فيه غير عمرو بن قايد
قلت بل فيه عبد المنعم الدياجي منكر الحديث قاله البخاري وغيره
(٤) حديث النهي عن مدافعة الأخبثين أخرجه مسلم من حديث عائشة بلفظ صلاة وللبيهقي لا يصلين أحدكم الحديث
(٥) الأمر بتقديم العشاء على العشاء تقدم من حديث ابن عمر وعائشة إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤا بالعشاء متفق عليه
(٦) حديث الجهر ب {بسم الله الرحمن الرحيم} أخرجه الدارقطني والحاكم وصححه من حديث ابن عباس
(٧) حديث ترك الجهر بها أخرجه مسلم من حديث أنس صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلم أسمع أحدا منهم يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم وللنسائي يجهر له ببسم الله الرحمن الرحيم
(٨) حديث سمرة بن جندب وعمران بن حصين في سكتات الإمام رواه الإمام أحمد من حديث سمرة قال كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم سكتات في صلاته وقال عمران أنا أحفظها عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكتبوا في ذلك إلى أبي بن كعب فكتب إن سمرة قد حفظ هكذا وجدته في غير نسخة صحيحة من المسند والمعروف أن عمران أنكر ذلك على سمرة هكذا في غير موضع من المسند رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان وروى الترمذي فأنكر ذلك عمران وقال حفظنا سكتة وقال حديث حسن انتهى وليس في حديث سمرة إلا سكتتان ولكن اختلف عنه في محل الثانية فروى عنه بعد الفاتحة وروى عنه بعد السورة وللدارقطني من حديث أبي هريرة وضعفه من صلى صلاة مكتوبة مع الإمام فليقرأ بفاتحة الكتاب في سكتاته

<<  <  ج: ص:  >  >>