للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن كان محسناً فضاعف له في إحسانه وإن كان مسيئاً فتجاوز عنه

الرابعة تحية المسجد ركعتان فصاعداً سنة مؤكدة حتى أنها لا تسقط وإن كان الإمام يخطب يوم الجمعة مع تؤكد وجوب الإصغاء إلى الخطيب

وَإِنِ اشْتَغَلَ بِفَرْضٍ أَوْ قَضَاءٍ تَأَدَّى بِهِ التَّحِيَّةُ وَحَصَلَ الْفَضْلُ إِذِ الْمَقْصُودُ أَنْ لَا يَخْلُوَ ابْتِدَاءُ دُخُولِهِ عَنِ الْعِبَادَةِ الْخَاصَّةِ بِالْمَسْجِدِ قياماً بحق المسجد

ولهذا يكره أن يدخل المسجد على غير وضوء فإن دخل لعبور أو جلوس فليقل سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا الله والله أكبر يقولها أربع مرات يقال إنها عدل ركعتين في الفضل

ومذهب الشافعي رحمه الله أنه لا تكره التحية في أوقات الكراهية وهي بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ وَوَقْتَ الزَّوَالِ وَوَقْتَ الطلوع والغروب لما روي أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقِيلَ لَهُ أَمَا نَهَيْتِنَا عَنْ هَذَا فَقَالَ هُمَا رَكْعَتَانِ كُنْتُ أُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ فشغلني عنهما الوفد (١) فأفاد هذا الحديث فائدتين إحداهما أن الكراهية مقصورة على صلاة لا سبب لها ومن أضعف الأسباب قضاء النوافل إذ اختلف العلماء في أن النوافل هل تقضى وإذا فعل مثل ما فاته هل يكون قضاء وإذا انتفت الكراهية بأضعف الأسباب فبأحرى أن تنتفي بدخول المسجد وهو سبب قوي

ولذلك لا تكره صلاة الجنازة إذا حضرت ولا صلاة الخسوف والاستسقاء في هذه الأوقات لأن لها أسباباً

الفائدة الثانية قضاء النوافل إذ قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ولنا فيه أسوة حسنة

وقالت عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ مَرَضٌ فَلَمْ يَقُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ صَلَّى مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ركعة (٢) وقد قال العلماء من كان في الصلاة ففاته جواب المؤذن فإذا سلم قضى وأجاب وإن كان المؤذن سكت ولا معنى الآن لقول من يقول إن ذلك مثل الأول وليس يقضي إذ لو كان كذلك لما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت الكراهة

نعم من كَانَ لَهُ وِرْدٌ فَعَاقَهُ عَنْ ذَلِكَ عُذْرٌ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُرَخِّصَ لِنَفْسِهِ فِي تَرْكِهِ بَلْ يَتَدَارَكُهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ حَتَّى لَا تميل نفسه إلى الدعة والرفاهية

وتداركه حسن على سبيل مجاهدة النفس ولأنه صلى الله عليه وسلم قال أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل (٣) فَيُقْصَدُ بِهِ أَنْ لَا يَفْتُرَ فِي دَوَامِ عمله وروت عائشة رضي الله عنها عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال من عبد الله عز وجل بعبادة ثم تركها ملالة مقته الله عز وجل (٤) فليحذر أن يدخل تحت الوعيد

وتحقيق هذا الخبر

أنه مقته الله تعالى بتركها ملالة فلولا المقت والإبعاد لما سلطت الملالة عليه

الخامسة ركعتان بعد الوضوء مستحبتان لأن الوضوء قربة ومقصودها الصلاة والأحداث عارضة فربما يطرأ الحدث قبل صلاة فينتقض الوضوء ويضيع السعي فالمبادرة إلى ركعتين استيفاء المقصود الوضوء قبل الفوات

وعرف ذلك بحديث بلال إذ قال صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة فرأيت بلالاً فيها فقلت لبلال بم سبقتني إلى الجنة فقال بلال لا أعرف شيئا إلا أني لا أحدث وضوءاً إلا أصلي عقيبه ركعتين (٥)

السادسة ركعتان عند دخول المنزل وعند الخروج منه روى أبو هريرة رضي الله عنه قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خرجت من منزلك فصل ركعتين يمنعانك مخرج السوء وإذا دخلت إلى منزلك فصل ركعتين


(١) حديث صلى ركعتين بعد العصر قيل لَهُ أَمَا نَهَيْتِنَا عَنْ هَذَا فَقَالَ هُمَا ركعتان كنت أصليهما بعد الظهر الحديث أخرجاه من حديث أم سلمة ولمسلم من حديث عائشة كان يصلي ركعتين قبل العصر ثم إنه شغل عنهما الحديث
(٢) حديث عائشة كان إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ مَرَضٌ فَلَمْ يَقُمْ تلك الليلة الحديث أخرجه مسلم
(٣) حديث أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل أخرجاه من حديث عائشة
(٤) حديث عائشة من عبد الله عبادة ثم تركها ملالة مقته الله ورواه ابن السني في رياضة المتعبدين موقوفا على عائشة
(٥) حديث دخلت الجنة فرأيت بلالاً فيها فقلت يا بلال بم سبقتني إلى الجنة الحديث أخرجاه من حديث أبي هريرة

<<  <  ج: ص:  >  >>