للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَعَا دعا ثلاثاً وإذا سال سأل ثلاثاً (١) وينبغي أن لا يستبطىء الإجابة لقوله صلى الله عليه وسلم يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول قد دعوت فلم يستجب لي فإذا دعوت فاسأل الله كثيراً فإنك تدعو كريماً (٢) وقال بعضهم إني أسأل الله عز وجل منذ عشرين سنة حاجة وما أجابني وأنا أرجو الإجابة سألت الله تعالى أن يوفقني لترك ما لا يعنيني

وقال صلى الله عليه وسلم إذا سأل أحدكم ربه مسألة فتعرف الإجابة فليقل الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ومن أبطأ عنه من ذلك فليقل الحمد لله على كل حال (٣)

التاسع أن يفتتح الدعاء بذكر الله عز وجل فلا يبدأ بالسؤال قال سلمة بن الأكوع ما سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستفتح الدعاء إلا استفتحه بقول سبحان ربي العلي الأعلى الوهاب (٤) قال أبو سليمان الداراني رحمه الله من أراد أن يسأل الله حاجة فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسأله حاجته ثم يختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن الله عز وجل يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع ما بينهما وروي في الخبر عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال إذا سألتم الله عز وجل حاجة فابتدئوا بالصلاة علي فإن الله تعالى أكرم من أن يسئل حاجتين فيقضي إحداهما ويرد الأخرى (٥) رواه أبو طالب المكي

الْعَاشِرُ وَهُوَ الْأَدَبُ الْبَاطِنُ وَهُوَ الْأَصْلُ فِي الْإِجَابَةِ التَّوْبَةُ وَرَدُّ الْمَظَالِمِ وَالْإِقْبَالُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِكُنْهِ الْهِمَّةِ فَذَلِكَ هُوَ السَّبَبُ القريب في الإجابة فيروى عن كعب الأحبار أنه قال أصاب الناس قحط شديد على عهد موسى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج موسى ببني إسرائيل يستسقي بهم فلم يسقوا حتى خرج ثلاث مرات ولم يسقوا فأوحى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام إني لا أستجيب لك ولا لمن معك وفيكم نمام فقال موسى يا رب ومن هو حتى نخرجه من بيننا فأوحى الله عز وجل إليه يا موسى أنهاكم عن النميمة وأكون نماماً فقال موسى لبني إسرائيل توبوا إلى ربكم بأجمعكم عن النميمة فتابوا فأرسل الله تعالى عليهم الغيث

وقال سعيد بن جبير قحط الناس في زمن ملك من ملوك بني إسرائيل فاستسقوا فقال الملك لبني إسرائيل ليرسلن الله تعالى علينا السماء أو لنؤذينه قيل له وكيف تقدر أن تؤذيه وهو في السماء فقال أقتل أولياءه وأهل طاعته فيكون ذلك أذى له فأرسل الله تعالى عليهم السماء

وقال سفيان الثوري بلغني أن بني إسرائيل قحطوا سبع سنين حتى أكلوا الميتة من المزابل وأكلوا الأطفال وكانوا كذلك يخرجون إلى الجبال يبكون ويتضرعون فأوحى الله عز وجل إلى أنبيائهم عليهم السلام لو مشيتم إلي باقدامكم حتى تحفى ركبكم وتبلغ أيديكم عنان السماء وتكل ألسنتكم عن الدعاء فإني لا أجيب لكم داعياً ولا أرحم لكم باكياً حتى تردوا المظالم إلى أهلها ففعلوا فمطروا من يومهم

وقال مالك بن دينار أصاب الناس في بني إسرائيل قحط فخرجوا مراراً فأوحى الله عز وجل إلى نبيهم أن أخبرهم أنكم تخرجون إلي بأبدان نجسة وترفعون إلي أكفاً قد سفكتم بها الدماء وملأتم بطونكم من الحرام الآن قد اشتد غضبي عليكم ولن تزدادوا مني إلا بعداً وقال أبو الصديق الناجي خرج سليمان عليه السلام يستسقي فمر بنملة ملقاة على ظهرها رافعة قوائمها


(١) حديث ابن مسعود كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَعَا دعا ثلاثاً وإذا سال سأل ثلاثاً رواه مسلم وأصله متفق عليه
(٢) حديث يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول دعوت فلم يستجب لي متفق عليه من حديث أبي هريرة
(٣) حديث إذا سأل أحدكم مسألة فتعرف الإجابة فليقل الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ومن أبطأ عنه من ذلك شيء فليقل الحمد لله على كل حال أخرجه البيهقي في الدعوات من حديث أبي هريرة وللحاكم نحوه من حديث عائشة مختصرا بإسناد ضعيف
(٤) حديث سلمة بن الأكوع ما سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستفتح الدعاء إلا استفتحه وقال سبحان ربي العلي الأعلى الوهاب أخرجه أحمد والحاكم وقال صحيح الإسناد قلت فيه عمر بن راشد اليماني ضعفه الجمهور
(٥) حديث إذا سألتم الله حاجة فابدءوا بالصلاة علي فإن الله تعالى أكرم من أن يسأل حاجتين فيعطي إحداهما ويرد الأخرى لم أجده مرفوعا وإنما هو موقوف على أبي الدرداء

<<  <  ج: ص:  >  >>