للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحائط ليس منسوباً إلى الذكور ولو حرم هذا لحرم تزيين الكعبة بل الأولى إباحته لموجب قوله {قل من حرم زينة الله} لا سيما في وقت الزينة إذا لم يتخذ عادة للتفاخر

وإن تخيل أن الرجال ينتفعون بالنظر إليه ولا يحرم على الرجال الانتفاع بالنظر إلى الديباج مهما لبسه الجواري والنساء

والحيطان في معنى النساء إذ لسن موصوفات بالذكورة

وَأَمَّا إِحْضَارُ الطَّعَامِ فَلَهُ آدَابٌ خَمْسَةٌ

الْأَوَّلُ تعجيل الطعام فذلك من إكرام الضيف وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ (١)

وَمَهْمَا حَضَرَ الْأَكْثَرُونَ وَغَابَ وَاحِدٌ أَوِ اثْنَانِ وتأخروا عن الوقت الموعود فحق الحاضر فِي التَّعْجِيلِ أَوْلَى مِنْ حَقِّ أُولَئِكَ فِي التأخير إلا أن يكون المتأخر فقيراً أو ينكسر قلبه بذلك فلا بأس فِي التَّأْخِيرِ وَأَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين} أَنَّهُمْ أُكْرِمُوا بِتَعْجِيلِ الطَّعَامِ إِلَيْهِمْ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى {فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حنيذ} وَقَوْلُهُ {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} والروغان الذهاب بسرعة وقيل في خفية وقيل جاء بفخذ من لحم وإنما سمي عجلاً لأنه عجله ولم يلبث

قَالَ حَاتِمٌ الْأَصَمُّ الْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا فِي خَمْسَةٍ فَإِنَّهَا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِطْعَامِ الضَّيْفِ وَتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَتَزْوِيجِ الْبِكْرِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَالتَّوْبَةِ مِنَ الذنب (٢)

ويستحب التعجيل في الوليمة قيل الوليمة في أول يوم سنة وفي الثاني معروف وفي الثالث رياء

الثَّانِي تَرْتِيبُ الْأَطْعِمَةِ بِتَقْدِيمِ الْفَاكِهَةِ أَوَّلًا إِنْ كَانَتْ فَذَلِكَ أَوْفَقُ فِي الطِّبِّ فَإِنَّهَا أَسْرَعُ اسْتِحَالَةً فَيَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ فِي أَسْفَلِ الْمَعِدَةِ

وَفِي الْقُرْآنِ تَنْبِيهٌ عَلَى تَقْدِيمِ الْفَاكِهَةِ فِي قوله تعالى وفاكهة مما يتخيرون {ثم قال} ولحم طير مما يشتهون ثُمَّ أَفْضَلُ مَا يُقَدَّمُ بَعْدَ الْفَاكِهَةِ اللَّحْمُ والثريد فقد قال صلى الله عليه وسلم فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام فَإِنْ جَمَعَ إِلَيْهِ حَلَاوَةً بَعْدَهُ فَقَدْ جَمَعَ الطَّيِّبَاتِ

وَدَلَّ عَلَى حُصُولِ الْإِكْرَامِ بِاللَّحْمِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ إِذْ أَحْضَرَ الْعِجْلَ الْحَنِيذَ أَيِ الْمَحْنُوذَ وَهُوَ الَّذِي أُجِيدَ نُضْجُهُ وهو أحد معنى الإكرام أعني تقديم اللحم

وقال تعالى في وصف الطيبات وأنزلنا عليكم المن والسلوى المن العسل والسلوى اللحم سمي سلوى لأنه يتسلى به عن جميع الإدام ولا يقوم غيره مقامه ولذلك قال صلى الله عليه وسلم سيد الإدام اللحم ثم قال بعد ذكر المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم فاللحم والحلاوة من الطيبات

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَكْلُ الطَّيِّبَاتِ يُورِثُ الرِّضَا عَنِ اللَّهِ

وَتَتِمُّ هَذِهِ الطَّيِّبَاتُ بِشُرْبِ الْمَاءِ الْبَارِدِ وَصَبِّ الْمَاءِ الْفَاتِرِ عَلَى الْيَدِ عِنْدَ الْغَسْلِ

قَالَ الْمَأْمُونُ شرب الماء بثلج يخلص الشكر

وقال بعض الأدباء إذا دعوت إخوانك فأطعمتهم حصرمية وبورانية وسقيتهم ماءً بارداً فقد أكملت الضيافة

وأنفق بعضهم دراهم في ضيافة فقال بعض الحكماء لم نكن نحتاج إلى هذا إذا كان خبزك جيداً وماؤك بارداً وخلك حامضاً فهو كفاية

وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْحَلَاوَةُ بَعْدَ الطَّعَامِ خَيْرٌ مِنْ كَثْرَةِ الْأَلْوَانِ وَالتَّمَكُّنُ عَلَى الْمَائِدَةِ خَيْرٌ مِنْ زيادة لونين


(١) حديث مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضيفه متفق عليه من حديث أبي سريج
(٢) حديث حَاتِمٌ الْأَصَمُّ الْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ إِلَّا فِي خَمْسَةٍ فَإِنَّهَا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم إطعام الطعام وَتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَتَزْوِيجِ الْبِكْرِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَالتَّوْبَةِ من الذنب أخرجه الترمذي من حديث سهل بن سعد الأناة من الله والعجلة من الشيطان وسنده ضعيف وأما الاستثناء فروى أبو داود من حديث سعد بن أبي وقاص التؤدة في كل شيء إلا في عمل الآخرة قال الأعمش لا أعلم إلا أنه رفعه وروى المزي في التهذيب في ترجمة محمد بن موسى بن نفيع عن مشيخة من قومه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الأناة في كل شيء إلا في ثلاث إذا صيح في خيل الله وإذا نودي بالصلاة وإذا كانت الجنازة الحديث مرس والترمذي من حديث علي ثلاثة لا تؤخرها الصلاة إذا أتت والجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت كفؤا وسنده حسن

<<  <  ج: ص:  >  >>