للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقد السادس الشركة

وهي أربعة أنواع ثلاثة منها باطلة

الأول شركة المفاوضة وهو أن يقولا تفاوضنا لنشترك في كل مالنا وعلينا ومالاهما ممتازان فهي باطلة

الثاني شركة الأبدان وهو أن يتشارطا الاشتراك في أجرة العمل فهي باطلة

الثالث شركة الوجوه وهو أن يكون لأحدهما حشمة وقول مقبول فيكون من جهته التنفيل ومن جهة غيره العمل فهذا أيضاً باطل

وإنما الصحيح العقد الرابع المسمى شركة العنان وهو أن يختلط مالاهما بحيث يتعذر التمييز بينهما إلا بقسمه ويأذن كل منهما لصاحبه في التصرف ثم حكمهما توزيع الربح والخسران على قدر المالين ولا يجوز أن يغير ذلك بالشرط ثم بالعزل يمتنع التصرف عن المعزول وبالقسمة ينفصل الملك عن الملك والصحيح أنه يجوز عقد الشركة على العروض المشتراة ولا يشترط النقد بخلاف القراض

فهذا القدر من علم الفقه يجب تعلمه على كل مكتسب وإلا اقتحم الحرام من حيث لا يدري

وأما معاملة القصاب والخباز والبقال فلا يستغني عنها المكتسب وغير المكتسب والخلل فيها من ثلاثة وجوه من إهمال شروط البيع أو إهمال شروط السلم أو الاقتصار على المعاطاة إذ العادات جارية بكتبه الخطوط على هؤلاء بحاجات كل يوم ثم المحاسبة في كل مدة ثم التقويم بحسب ما يقع عليه التراضي وذلك مما نرى القضاء بإباحته للحاجة ويحمل تسليمهم على إباحة التناول مع انتظار العوض فيحل أكله ولكن يجب الضمان بأكله وتلزم قيمته يوم الإتلاف فتجتمع في الذمة تلك القيم فإذا وقع التراضي على مقدار ما فينبغي أن يلتمس منهم الإبراء المطلق لا تبقي عليه عهدة إن تطرق إليه تفاوت في التقويم فهذا ما تجب القناعة به فإن تكليف وزن الثمن لكل حاجة من الحوائج في كل يوم وكل ساعة تكليف شطط وكذا تكليف الإيجاب والقبول وتقدير ثمن كل قدر يسير منه فيه عسر وإذا كثر كل نوع سهل تقويمه والله الموفق

الباب الثالث في بَيَانُ الْعَدْلِ وَاجْتِنَابُ الظُّلْمِ فِي الْمُعَامَلَةِ

اعْلَمْ أن المعاملة قد تجري على وجه يحكم المفتي بصحتها وانعقادها ولكنها تشتمل عَلَى ظُلْمٍ يَتَعَرَّضُ بِهِ الْمُعَامِلُ لِسُخْطِ اللَّهِ تعالى إذ ليس كل نهي يقتضي فساد العقد وَهَذَا الظُّلْمُ يَعْنِي بِهِ مَا اسْتَضَرَّ بِهِ الْغَيْرُ وَهُوَ مُنْقَسِمٌ إِلَى مَا يَعُمُّ ضَرَرُهُ وَإِلَى مَا يَخُصُّ الْمُعَامِلَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِيمَا يعم ضرره وهو أنواع

النوع الْأَوَّلُ الِاحْتِكَارُ فَبَائِعُ الطَّعَامِ يَدَّخِرُ الطَّعَامَ يَنْتَظِرُ بِهِ غَلَاءَ الْأَسْعَارِ وَهُوَ ظُلْمٌ عَامٌّ وَصَاحِبُهُ مذموم في الشرع

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من احتكر الطعام أربعين يوماً ثم تصدق به لم تكن صدقته كفارة لاحتكاره (١)

وروى ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال من احتكر الطعام أربعين يوما فقد برئ من الله وبرئ الله منه (٢)

وقيل فكأنما قتل الناس جميعاً وعن علي رضي الله عنه من احتكر الطعام أربعين يوما


(١) حديث من احتكر الطعام أربعين يوماً ثم تصدق به لم تكن صدقته كفارة لاحتكاره رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث علي والخطيب في التاريخ من حديث أنس بسندين ضعيفين
(٢) حديث ابن عمر من احتكر الطعام أربعين يوما فقد برئ من الله وبرئ الله منه رواه أحمد والحاكم بسند جيد وقال ابن عدي ليس بمحفوظ من حديث ابن عمر

<<  <  ج: ص:  >  >>