يوثق ببقاء مائه أو يكون معه في الطريق عالم يقدر على استفتائه عند الحاجة فله أن يؤخر إلى وقت الحاجة
إما إذا كان يظن عدم الماء ولم يكن معه فيلزمه التعلم لا محالة
فإن قلت التيمم يحتاج إليه لصلاة لم يدخل بعد وقتها فكيف يجب علم الطهارة لصلاة بعد لم تجب وربما لا تجب فأقول من بينه وبين الكعبة مسافة لا تقطع إلا في سنة فيلزمه قبل أشهر الحج إبتداء السفر
ويلزمه تعلم المناسك لا محالة إذا كان يظن أنه لا يجد في الطريق من يتعلم منه لأن الأصل الحياة واستمرارها
وما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب
وكل ما يتوقع وجوبه توقعا ظاهرا على الظن وله شرط لا يتوصل إليه إلا بتقديم ذلك الشرط على وقت الوجوب فيحب تقديم تعلم الشرط لا محالة كعلم المناسك قبل وقت الحج وقبل مباشرته
فلا يحل إذن للمسافر أن ينشىء السفر ما لم يتعلم هذا القدر من علم التيمم
وإن كان عازما على سائر الرخص فعليه أن يتعلم أيضا القدر الذي ذكرناه من علم التيمم وسائر الرخص فإنه إذا لم يعلم القدر الجائز لرخصة السفر لم يمكنه الاقتصار عليه
فإن قلت إنه إن لم يتعلم كيفية التنفل راكبا وماشيا ماذا يضره وغايته إن صلى أن تكون صلاته فاسدة وهي غير واجبة فكيف يكون علمها واجباً فأقول من الواجب أن لا يصلى النفل على نعت الفساد فالتنفل مع الحدث والنجاسة وإلى غير القبلة ومن غير إتمام شروط الصلاة وأركانها حرام فعليه أن يتعلم ما يحترز به عن النافلة الفاسدة حذراً عن الوقوع في المحظورات
فهذا بيان علم ما خفف عن المسافر في سفره القسم الثاني ما يتجدد من الوظيفة بسبب السفر
وهو علم القبلة والأوقات وذلك أيضا واجب في الحضر ولكن في الحضر من يكفيه من محراب متفق عليه يغنيه عن طلب القبلة ومؤذن يراعي الوقت فيغنيه عن طلب علم الوقت
والمسافر قد تشتبه عليه القبلة وقد يلتبس عليه الوقت فلا بد له من العلم بأدلة القبلة والمواقيت
أما أدلة القبلة فهي ثلاثة أقسام أرضية كالاستدلال بالجبال والقرى والأنهار
وهوائية كالاستدلال بالرياح شمالها وجنوبها وصباها ودبورها
وسماوية وهي النجوم
فأما الأرضية والهوائية فتخلف باختلاف البلاد فرب طريق فيه جبل مرتفع يعلم أنه على يمين المستقبل أو شماله أو ورائه أو قدامه فليعلم ذلك وليفهمه
وكذلك الرياح قد تدل في بعض البلاد فليفهم ذلك
ولسنا نقدر على استقصاء ذلك إذ لكل بلد وإقليم حكم آخر
وأما السماوية فأدلتها تنقسم إلى نهارية وإلى ليلية
أما النهارية فالشمس فلا بد أن يراعى قبل الخروج من البلد أن الشمس عند الزوال أين تقع منه أهي بين الحاجبين او على العين اليمنى او اليسرى أو تميل إلى الجبين ميلاأكثر من ذلك فإن الشمس لا تعدو في البلاد الشمالية هذه المواقع
فإذا حفظ ذلك فمهما عرف الزوال بدليله الذي سنذكره عرف القبلة به
وكذلك يراعي مواقع الشمس منه وقت العصر
فإنه في هذين الوقتين يحتاج إلى القبلة بالضرورة
وهذا أيضا لما كان يختلف بالبلاد فليس يمكن إستقصاؤه
وأما القبلة وقت المغرب فإنها تدرك بموضع الغروب
وذلك بأن يحفظ أن الشمس تغرب عن يمين المستقبل أو هي مائلة إلى وجهه أو قفاه
وبالشفق أيضا تعرف القبلة للعشاء الأخيرة