للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجب تبليغه إلى من لا يعرفه

وَإِذَا قُلْنَا مُنْكَرٌ مَحْظُورٌ أَوْ قُلْنَا مُنْكَرٌ مطلقا فنزيد بِهِ الْمَحْظُورَ وَيَكُونُ السُّكُوتُ عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ محظوراً

فما يُشَاهَدُ كَثِيرًا فِي الْمَسَاجِدِ إِسَاءَةُ الصَّلَاةِ بِتَرْكِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهُوَ مُنْكَرٌ مُبْطِلٌ للصلاة بنص الحديث فيجب النهي عنه إلا عند الحنفي الذي يعتقد أن ذلك لا يمنع صحة الصلاة إذ لا ينفع النهي معه

وَمَنْ رَأَى مُسِيئًا فِي صَلَاتِهِ فَسَكَتَ عَلَيْهِ فهو شريكه هكذا ورد به الأثر وفي الخبر ما يدل عليه إذ ورد في الغيبة أن المستمع شريك القائل (١) وكذلك كل ما يقدح في صحة الصلاة من نجاسة على ثوبه لا يراها أو انحراف عن القبلة بسبب ظلام أو عمى فكل ذلك تجب الحسبة فيه

ومنها قراءة القرآن باللحن يجب النهي عنه ويجب تلقين الصحيح

فإن كان المعتكف في المسجد يضيع أكثر أوقاته في أمثال ذلك ويشتغل به عن التطوع والذكر فليشتغل به فإن هذا أفضل له من ذكره وتطوعه لأن هذا فرض وهي قربة تتعدى فائدتها فهي أوشك من نافلة تقتصر عليه فائدتها

وإن كان ذلك يمنعه عن الوراقة مثلاً أو عن الكسب الذي هو طعمته فإن كان معه مقدار كفايته لزمه الاشتغال بذلك ولم يجز له ترك الحسبة لطلب زيادة الدنيا وإن احتاج إلى الكسب لقوت يومه فهو عذر له فيسقط الوجوب عنه لعجزه وَالَّذِي يُكْثِرُ اللَّحْنَ فِي الْقُرْآنِ إِنْ كَانَ قادراً على التعلم فليمتنع من القراءة قبل التعلم فإنه عاص به وإن كان لا يطاوعه اللسان فإن كان أكثر ما يقرؤه لحناً فليتركه وليجتهد في تعلم الفاتحة وتصحيحها وإن كان الأكثر صحيحاً وليس يقدر على التسوية فلا بأس له أن يقرأ ولكن ينبغي أن يخفض به الصوت حتى لا يسمع غيره

ولمنعه سراً منه أيضاً وجه ولكن إذا كان ذلك منتهى قدرته وكان له أنس بالقراءة وحرص عليها فلست أرى به بأسا والله أعلم

وَمِنْهَا تَرَاسُلُ الْمُؤَذِّنِينَ فِي الْأَذَانِ وَتَطْوِيلُهُمْ بِمَدِّ كلماته وانحرافهم عن صوب القبلة بجميع الصدر في الحيعلتين أو انفراد كل واحد منهم بأذان ولكن من غير توقف إلى انقطاع أذان الآخر بحيث يضطرب على الحاضرين جواب الأذان لتداخل الأصوات

فكل ذلك منكرات مكروهة يجب تعريفها

فإن صدرت عن معرفة فيستحب المنع منها والحسبة فيها

وكذلك إذا كان للمسجد مؤذن واحد وهو يؤذن قبل الصبح فينبغي أن يمنع من الأذان بعد الصبح فذلك مشوش للصوم والصلاة على الناس إلا إذا عرف أنه يؤذن قبل الصبح حتى لا يعول على أذانه في صلاة وترك سحور أو كان معه مؤذن آخر معروف الصوت يؤذن مع الصبح

ومن المكروهات أيضاً تكثير الأذان مرة بعد أخرى بعد طلوع الفجر في مسجد واحد في أوقات متعاقبة متقاربة إما من واحد أو جماعة فإنه لا فائدة فيه إذا لم يبق في المسجد نائم ولم يكن الصوت مما يخرج عن المسجد حتى ينبه غيره فكل ذلك من المكروهات المخالفة لسنة الصحابة والسلف

ومنها أن يكون الخطيب لابساً لثوب أسود يغلب عليه الإبريسم أو ممسكاً لسيف مذهب فهو فاسق والإنكار عليه واجب وأما مجرد السواد فليس بمكروه ولكنه ليس بمحبوب إذ أحب الثياب إلى الله تعالى البيض

ومن قال إنه مكروه وبدعة أراد به أنه لم يكن معهوداً في العصر الأول ولكن إذا لم يرد فيه نهي فلا ينبغي أن يسمى بدعة ومكروهاً ولكنه ترك للأحب


(١) حديث المغتاب والمستمع شريكان في الإثم تقدم في الصوم

<<  <  ج: ص:  >  >>