عبد العزيز رحمه الله أنه قال مكثت سنة أجد ألم غمزته في ذراعي
وكان ابن أبي شميلة يوصف بالعقل والأدب فدخل على عبد الملك بن مروان فقال له عبد الملك تكلم قال بم أتكلم وقد علمت أن كل كلام تكلم به المتكلم عليه وبال إلا ما كان لله فبكي عبد الملك ثم قال يرحمك الله لم يزل الناس يتواعظون ويتواصون فقال الرجل يا أمير المؤمنين إن الناس في القيامة لا ينجون من غصص مرارتها ومعاينة الردى فيها إلا من أرضى الله بسخط نفسه فبكي عبد الملك ثم قال لا جرم لأجعلن هذه الكلمات مثالاً نصب عيني ما عشت
ويروى عن ابن عائشة أن الحجاج دعا بفقهاء البصرة وفقهاء الكوفة فدخلنا عليه ودخل الحسن البصري رحمه الله آخر من دخل فقال الحجاج مرحباً بأبي سعيد إلي إلي ثم دعا بكرسي فوضع إلى جنب سريره فقعد عليه فجعل الحجاج يذاكرنا ويسألنا إذ ذكر عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فنال منه ونلنا منه مقاربة له وفرقاً من شره والحسن ساكت عاض على إبهامه فقال يا أبا سعيد مالي أراك ساكتاً قال ما عسيت أن أقول قال أخبرني برأيك في أبي تراب قال سمعت الله جل ذكره يقول وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم فعلي ممن هدى الله من أهل الإيمان فأقول ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وختنه على ابنته وأحب الناس إليه وصاحب سوابق مباركات سبقت له من الله لن تستطيع أنت ولا أحد من الناس أن يحظرها عليه ولا يحول بينه وبينها
وأقول إن كانت لعلي هناة فالله حسبه والله ما أجد فيه قولاً أعدل من هذا
فبسر وجه الحجاج وتغير وقام عن السرير مغضباً فدخل بيتاً خلفه وخرجنا
قال عامر الشعبي فأخذت بيد الحسن فقلت يا أبا سعيد أغضبت الأمير وأوغرت صدره فقال إليك عني يا عامر يقول الناس عامر الشعبي عالم أهل الكوفة
أتيت شيطاناً من شياطين الإنس تكلمه بهواه وتقاربه في رأيه ويحك يا عامر هلا اتقيت إن سئلت فصدقت أو سكت فسلمت قال عامر يا أبا سعيد قد قلتها وأنا أعلم ما فيها قال الحسن فذاك أعظم في الحجة عليك وأشد في التبعة
قال وبعث الحجاج إلى الحسن فلما دخل عليه قال أنت الذي تقول قاتلهم الله قتلوا عباد الله على الدينار والدرهم قال نعم قال ما حملك على هذا قال ما أخذ الله على العلماء من المواثيق ليبيننه للناس ولا يكتمونه قال يا حسن أمسك عليك لسانك وإياك أن يبلغني عنك ما أكره فأفرق بين رأسك وجسدك
وحكى أن حطيطاً الزيات جيء به إلى الحجاج فلما دخل عليه قال أنت حطيط قال نعم سل عما بدا لك فإني عاهدت الله عند المقام على ثلاث خصال إن سئلت لأصدقن وإن ابتليت لأصبرن وإن عوفيت لأشكرن
قال فما تقول في قال أقول إنك من أعداء الله في الأرض تنتهك المحارم وتقتل بالظنة
قال فما تقول في أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان قال أقول إنه أعظم جرماً منك وإنما أنت خطيئة من خطاياه
قال فقال الحجاج ضعوا عليه العذاب
قال فانتهى به العذاب إلى أن شقق له القصب ثم جعلوه على لحمه وشدوه بالحبال ثم جعلوا يمدون قصبة قصبة حتى انتحلوا لحمه فما سمعوه يقول شيئاً
قال فقيل للحجاج إنه في آخر رمق فقال أخرجوه فارموا به في السوق
قال جعفر فأتيته أنا وصاحب له فقلنا له حطيط ألك حاجة قال شربة ماء فأتوه بشربة ثم مات وكان ابن ثمان عشرة سنة رحمة الله عليه
وروي أن عمر بن هبيرة دعا بفقهاء أهل البصرة وأهل الكوفة وأهل المدينة وأهل الشام وقرائها فجعل يسألهم وجعل يكلم عامر الشعبي فجعل لا يسأله عن شيء إلا وجد عنده منه علماً ثم أقبل على الحسن البصري فسأله ثم قال هما هذان هذا رجل أهل الكوفة يعني الشعبي وهذا رجل