للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه ابن أبي ذؤيب وكان والي المدينة الحسن بن زيد قال فأتى الغفاريون فشكوا إلى أبي جعفر شيئاً من أمر الحسن بن زيد فقال الحسن يا أمير المؤمنين سل عنهم ابن أبي ذؤيب قال فسأله فقال ما تقول فيهم يا ابن أبي ذؤيب فقال أشهد أنهم أهل تحطم في أعراض الناس كثيرو الأذى لهم

فقال أبو جعفر قد سمعتم فقال الغفاريون يا أمير المؤمنين سله عن الحسن بن زيد

فقال يا ابن أبي ذؤيب ما تقول في الحسن بن زيد فقال أشهد عليه أنه يحكم بغير الحق ويتبع هواه فقال قد سمعت يا حسن ما قال فيك ابن أبي ذؤيب وهو الشيخ الصالح فقال يا أمير المؤمنين أسأله عن نفسك

فقال ما تقول في قال تعفيني يا أمير المؤمنين قال أسألك بالله إلا أخبرتني

قال تسألني بالله كأنك لا تعرف نفسك قال والله لتخبرني قال أشهد أنك أخذت هذا المال من غير حقه فجعلته في غير أهله وأشهد أن الظلم ببابك فاش

قال فجاء أبو جعفر من موضعه حتى وضع يده في قفا ابن أبي ذؤيب فقبض عليه ثم قال له أما والله لولا أني جالس ههنا لأخذت فارس والروم والديلم والترك بهذا المكان منك قال فقال ابن أبي ذؤيب يا أمير المؤمنين قد ولي أبو بكر وعمر فأخذا الحق وقسما بالسوية وأخذا بأقفاء فارس والروم وأصغرا آنافهم قال فخلى أبو جعفر قفاه وخلى سبيله وقال والله لولا أني أعلم أنك صادق لقتلتك فقال ابن أبي ذؤيب والله يا أمير المؤمنين إني لأنصح لك من ابنك المهدي قال فبلغنا أن ابن أبي ذؤيب لما انصرف من مجلس المنصور لقيه سفيان الثوري فقال له يا أبا الحرث لقد سرني ما خاطبت به هذا الجبار ولكن ساءني قولك له ابنك المهدي فقال يغفر الله لك يا أبا عبد الله كلنا مهدي كلنا كان في المهد

وعن الأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو قال بعث إلى أبو جعفر المنصور أمير المؤمنين وأنا بالساحل فأتيته فلما وصلت إليه وسلمت عليه بالخلافة رد علي واستجلسني ثم قال لي ما الذي أبطأ بك عنا يا أوزاعي قال قلت وما الذي تريد يا أمير المؤمنين قال أريد الأخذ عنكم والاقتباس منكم قال فقلت فانظر يا أمير المؤمنين إن لا تجهل شيئاً مما أقول لك قال وكيف أجهله وأنا أسألك عنه وفيه وجهت إليك وأقدمتك له قال قلت أخاف أن تسمعه ثم لا تعمل به قال فصاح بي الربيع وأهوى بيده إلى السيف فانتهره المنصور وقال هذا مجلس مثوبة لا مجلس عقوبة (١) فطابت نفسي وانبسطت في الكلام

فقلت يا أمير المؤمنين حدثني مكحول عن عطية بن بشر قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيما عبد جاءته موعظة من الله في دينه فإنها نعمة من الله سيقت إليه فإن قبلها بشكر وإلا كانت حجة من الله عليه ليزداد بها إثما ويزداد الله بها سخطاً عليه (٢) يا أمير المؤمنين حدثني مكحول عن عطية بن ياسر قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيما وال مات غاشا لرعيته حرم الله عليه الجنة (٣) أخرجه ابن أبي الدنيا فيه وابن عدي في الكامل في ترجمة أحمد بن عبيد //

يا أمير المؤمنين من كره الحق فقد كره الله إن الله هو الحق المبين إن الذي لين قلوب أمتكم لكم حين ولاكم أمورهم لقرابتكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان بهم رءوفاً رحيماً مواسياً لهم بنفسه في ذات يده محموداً عند الله وعند الناس فحقيق بك أن تقوم له فيهم بالحق وأن تكون بالقسط له فيهم قائماً ولعوراتهم ساترا لاتغلق عليهم دونهم الأبواب ولا تقيم دونهم الحجاب تبتهج بالنعمة عندهم وتبتئس بما أصابهم من سوء يا أمير


(١) حديث الأوزاعي مع المنصور وموعظته له وذكر فيها عشرة أحاديث مرفوعة والقصة بجملتها رواها ابن أبي الدنيا في كتاب مواعظ الخلفاء ورويناها في مشيخة يوسف بن كامل الخفاف ومشيخة ابن طبرزد وفي إسنادها أحمد بن عبيد بن ناصح قال ابن عدي يحدث بمناكير وهو عندي من أهل الصدق وقد رأيت سرد الأحاديث المذكورة في الموعظة لنذكر هل لبعضها طريق غير هذا الطريق وليعرف صحابي كل حديث أو كونه مرسلا فأولها
(٢) حديث عطية بن بشر أيما عبد جاءته موعظة من الله في دينه فإنها نعمة من الله الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في مواعظ الخلفاء
(٣) حديث عطية بن ياسر ايما وال بات غاشا لرعيته حرم الله عليه الجنة ياأمير المؤمنين من كره الحق فقد كره الله إن الله هو الحق المبين إن الذي لين قلوب أمتكم لكم حين ولاكم أمورهم لقرابتكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان بهم رءوفاً رحيماً مواسياً لهم بنفسه في ذات يده محموداً عند الله وعند الناس فحقيق بك أن تقوم له فيهم بالحق وأن تكون بالقسط له فيهم قائماً ولعوراتهم ساتراً لا تغلق عليك دونهم الأبواب ولا تقيم دونهم الحجاب تبتهج بالنعمة عندهم وتبتئس بما أصابهم من سوء يا أمير

<<  <  ج: ص:  >  >>