للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإحسانه وإن كان مسيئاً انخرق به ذلك الجسر فيهوي به في النار سبعين خريفاً (١) فقال له عمر رضي الله عنه ممن سمعت هذا قال من أبي ذر وسلمان فأرسل إليهما عمر فسألهما فقالا نعم سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر واعمراه من يتولاها بما فيها فقال أبو ذر رضي الله عنه من سلت الله أنفه وألصق خده بالأرض

قال فأخذ المنديل فوضعه على وجهه ثم بكى وانتحب حتى أبكاني

ثم قلت يا أمير المؤمنين قد سأل جدك العباس النبي صلى الله عليه وسلم إمارة مكة أو الطائف أو اليمن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا عباس يا عم النبي نفس تحييها خير من إمارة لا تحصيها (٢) نصيحة منه لعمه وشفقة عليه وأخبره أنه لا يغني عنه من الله شيئاً إذ أوحى الله إليه {وأنذر عشيرتك الأقربين} فقال يا عباس ويا صفية عمي النبي ويا فاطمة بنت محمد إني لست أغني عنكم من الله شيئا إن لي عملي ولكم عملكم (٣) وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يقيم أمر الناس إلا حصيف العقل أريب العقد لا يطلع منه على عورة ولا يخاف منه على حرة ولا تأخذه في الله لومة لائم

وقال الأمراء أربعة فأمير قوي ظلف نفسه وعماله فذلك كالمجاهد في سبيل الله يد الله باسطة عليه بالرحمة وأمير فيه ضعف ظلف نفسه وأرتع عماله لضعفه فهو على شفا هلاك إلا أن يرحمه الله وأمير ظلف عماله وأرتع نفسه فذلك الحطمة الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم شر الرعاة الحطمة فهو الهالك وحده (٤) وأمير أرتع نفسه وعماله فهلكوا جميعاً

وقد بلغني يا أمير المؤمنين أن جبرائيل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أتيتك حين أمر الله بمنافخ النار فوضعت على النار تسعر ليوم القيامة فقال له يا جبريل صف لي النار فقال إن الله تعالى أمر بها فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف عام حتى اصفرت ثم أوقد عليها ألف عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة لا يضيء جمرها ولا يطفأ لهبها والذي بعثك بالحق لو أن ثوباً من ثياب أهل النار أظهر لأهل الأرض لماتوا جميعاً ولو أن ذنوباً من شرابها صب في مياه الأرض جميعاً لقتل من ذاقه ولو أن ذراعاً من السلسلة التي ذكرها الله وضع على جبال الأرض جميعاً لذابت وما استقلت ولو أن رجلاً أدخل النار ثم أخرج منها لمات أهل الأرض من نتن ريحه وتشويه خلقه وعظمه فبكى النبي صلى الله عليه وسلم وبكى جبريل عليه السلام لبكائه فقال أتبكي يا محمد وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقال أفلا أكون عبداً شكوراً ولم بكيت يا جبريل وأنت الروح الأمين أمين الله على وحيه قال أخاف أن أبتلي بما أبتلي به هاروت وماروت فهو الذي منعني من اتكالي على منزلتي عند ربي فأكون قد أمنت مكره فلم يزالا يبكيان حتى نوديا من السماء يا جبريل ويا محمد إن الله قد آمنكما أن تعصياه فيعذبكما وفضل محمد على سائر الأنبياء كفضل جبريل على سائر الملائكة (٥) وقد بلغني يا أمير المؤمنين أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال اللهم إن كنت تعلم أني أبالي إذا قعد


(١) حديث عبد الرحمن بن عمر أن عمر استعمل رجلاً من الأنصار على الصدقة الحديث وفيه مرفوعا ما من وال يلي شيئاً من أمور الناس إلا أتى الله يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا فيه من هذا الوجه ورواه الطبراني من رواية سويد بن عبد العزيز عن يسار بن أبي الحكم عن أبي وائل أن عمر استعمل بشر بن عاصم فذكر أخصر منه وأن بشرا سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم يذكر فيه سلمان
(٢) حديث يا عباس يا عم النبي نفس تنجيها خير من إمارة لا تحصيها أخرجه ابن أبي الدنيا هكذا معضلا بغير إسناد ورواه البيهقي من حديث جابر متصلا ومن رواية ابن المنكدر مرسلا وقال هذا هو المحفوظ مرسلا
(٣) حديث يا عباس ويا صفية ويا فاطمة لا أغني عنكم من الله شيئا لي عملي ولكم عملكم أخرجه ابن أبي الدنيا هكذا معضلا دون إسناد ورواه البخاري من حديث أبي هريرة متصلا دون قوله {لي عملي ولكم عملكم}
(٤) حديث شر الرعاة الحطمة رواه مسلم من حديث عائذ بن عمرو المزني متصلا وهو عند ابن أبي الدنيا عن الأوزاعي معضلا كما ذكره المصنف
(٥) حديث بلغني أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أتيتك حين أمر الله بمنافيخ النار وضعت على النار تسعر ليوم القيامة الحديث بطوله أخرجه ابن أبي الدنيا فيه هكذا معضلا بغير إسناد

<<  <  ج: ص:  >  >>