للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزندين رحب الراحتين سائل الأطراف كأن أصابعه قضبان الفضة كفه ألين من الخز كأن كفه كف عطار طيباً مسها بطيب أو لم يمسها يصافحه المصافح فيظل يومه يجد ريحها ويضع يده على رأس الصبي فيعرف من بين الصبيان بريحها على رأسه وكان عبل ما تحت الإزار من الفخذين والساق وكان معتدل الخلق في السمن بدن في آخر زمانه وكان لحمه متماسكاً يكاد يكون على الخلق الأول لم يضره السمن

وأما مشيه صلى الله عليه وسلم فكان يمشي كأنما يتقلع من صخر وينحدر من صبب يخطو تكفياً ويمشي الهوينى بغير تبختر والهوينى تقارب الخطا وكان صلى الله عليه وسلم يقول أنا أشبه الناس بآدم صلى الله عليه وسلم وكان أبي إبراهيم صلى الله عليه وسلم أشبه الناس بي خلقاً وخلقاً وكان يقول إن لي عند ربي عشرة أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد وأنا الحاشر يحشر الله العباد على قدمى وأنا رسول الرحمة ورسول التوبة ورسول الملاحم والمقفى قفيت الناس جميعاً وأنا قثم (١) قال أبو البحتري والقثم الكامل الجامع والله أعلم

بيان معجزاته وآياته الدالة على صدقه

اعْلَمْ أَنَّ مَنْ شَاهَدَ أَحْوَالَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْغَى إِلَى سَمَاعِ أَخْبَارِهِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى أَخْلَاقِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ وَعَادَاتِهِ وَسَجَايَاهُ وَسِيَاسَتِهِ لِأَصْنَافِ الْخَلْقِ وَهِدَايَتِهِ إِلَى ضَبْطِهِمْ وَتَأَلُّفِهِ أَصْنَافَ الْخَلْقِ وَقَوْدِهِ إِيَّاهُمْ إِلَى طَاعَتِهِ مَعَ مَا يحكى من عَجَائِبِ أَجْوِبَتِهِ فِي مَضَايِقِ الْأَسْئِلَةِ وَبَدَائِعِ تَدْبِيرَاتِهِ في مصالح الخلق ومحاسن إشاراته في تفصيل ظاهر الشرع الذي يعجز الفقهاء والعقلاء عَنْ إِدْرَاكِ أَوَائِلِ دَقَائِقِهَا فِي طُولِ أَعْمَارِهِمْ لَمْ يَبْقَ لَهُ رَيْبٌ وَلَا شَكٌّ فِي أن ذلك لم يكن مكتسباً بحيلة تقوم بها القوة البشرية بل لا يتصور ذلك إلا بالاستمداد مِنْ تَأْيِيدٍ سَمَاوِيٍّ وَقُوَّةٍ إِلَهِيَّةٍ وَأَنَّ ذَلِكَ كله لا يتصور لكذاب وَلَا مُلَبِّسٍ بَلْ كَانَتْ شَمَائِلُهُ وَأَحْوَالُهُ شَوَاهِدَ قَاطِعَةً بِصِدْقِهِ حَتَّى إِنَّ الْعَرَبِيَّ الْقُحَّ كَانَ يَرَاهُ فَيَقُولُ وَاللَّهِ مَا هَذَا وَجْهُ كَذَّابٍ فَكَانَ يَشْهَدُ لَهُ بِالصِّدْقِ بِمُجَرَّدِ شَمَائِلِهِ فَكَيْفَ مَنْ شَاهَدَ أَخْلَاقَهُ وَمَارَسَ أَحْوَالَهُ فِي جَمِيعِ مصادره وموارده وإنما أوردنا بعض أخلافه لِتُعْرَفَ مَحَاسِنُ الْأَخْلَاقِ وَلِيُتَنَبَّهَ لِصِدْقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُلُوِّ مَنْصِبِهِ وَمَكَانَتِهِ الْعَظِيمَةِ عِنْدَ اللَّهِ إِذْ آتَاهُ اللَّهُ جَمِيعَ ذَلِكَ وَهُوَ رجل أُمِّيٌّ لَمْ يُمَارِسِ الْعِلْمَ وَلَمْ يُطَالِعِ الْكُتُبَ ولم يسافر قط في طلب علم ولم يزل بَيْنَ أَظْهُرِ الْجُهَّالِ مِنَ الْأَعْرَابِ يَتِيمًا ضَعِيفًا مُسْتَضْعَفًا فَمِنْ أَيْنَ حَصَلَ لَهُ مَحَاسِنُ الْأَخْلَاقِ والآداب ومعرفة مصالح الفقه مثلا فقط دون غيرهم مِنَ الْعُلُومِ فَضْلًا عَنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ خَوَاصِّ النُّبُوَّةِ لَوْلَا صَرِيحُ الْوَحْيِ وَمِنْ أَيْنَ لِقُوَّةِ الْبَشَرِ الِاسْتِقْلَالُ بِذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا هذه الأمور الظاهرة لكان فيه كفاية

وقد ظهر من آياته ومعجزاته مالا يَسْتَرِيبُ فِيهِ مُحَصِّلٌ فَلْنَذْكُرْ مِنْ جُمْلَتِهَا مَا استفاضت به الأخبار واشتملت عليه الكتب الصحيحة إشارة إلى مجامعها من غير تطويل بحكاية التفصيل

فقد خرق الله العادة على يده غير مرة إذ شق له القمر بمكة لما سألته قريش آية (٢) وأطعم النفر الكثير في


(١) حديث إن لي عند ربي عشرة أسماء الحديث أخرجه ابن عدي من حديث علي وجابر وأسامة بن زيد وابن عباس وعائشة بإسناد ضعيف وله ولأبي نعيم في الدلائل من حديث أبي الطفيل لي عند ربي عشرة أسماء قال ابو الطفيل حفظت منها ثمانية فذكرها بزيادة ونقص وذكر سيف بن وهب أن أبا جعفر قال إن الإسمين طه ويس وإسناده ضعيف وفي الصحيحين من حديث جبير بن مطعم لي أسماء أنا أحمد وأنا محمد وأنا الحاشر وأنا الماحي وأنا العاقب ولمسلم من حديث أبي موسى والمقفى ونبي التوبة ونبي الرحمة ولأحمد من حديث حذيفة ونبي الملاحم وسنده صحيح
(٢) حديث انشقاق القمر متفق عليه من حديث ابن مسعود وابن عباس وأنس

<<  <  ج: ص:  >  >>