للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الحسن قال وما هو قلت سمعته يقول إذا كان يوم القيامة جمع الله عز وجل الناس في صعيد واحد حيث يسمعهم الداعي وينفذهم البصر فيقوم مناد فينادي من له عند الله يد فليقم فلا يقوم إلا من عفا فقال والله لقد سمعته من الحسن فقلت والله لسمعته منه فقال خلينا عنه وقال معاوية عليكم بالحلم والاحتمال حتى تمكنكم الفرصة فإذا أمكنتكم فعليكم بالصفح والإفضال

وروي أن راهباً دخل على هشام بن عبد الملك فقال للراهب أرأيت ذا القرنين أكان نبياً فقال لا ولكنه إنما أعطى ما أعطى بأربع خصال كن فيه كان إذا قدر عفا وإذا وعد وفى وإذا حدث صدق ولا يجمع شغل اليوم لغد وقال بعضهم ليس الحليم من ظلم فحلم حتى إذا قدر انتقم ولكن الحليم من ظلم فحلم حتى إذا قدر عفا وقال زياد القدرة تذهب الحفيظة يعني الحقد والغضب وأتى هشام برجل بلغه عنه أمر فلما أقيم بين يديه جعل يتكلم بحجته فقال له هشام وتتكلم أيضاً فقال الرجل يا أمير المؤمنين قال الله عز وجل يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها أفنجادل الله تعالى ولا نتكلم بين يديك كلاماً قال هشام بلى ويحك تكلم وروي أن سارقاً دخل خباء عمار بن ياسر بصفين فقيل له اقطعه فإنه من أعدائنا فقال بل أستر عليه لعل الله يستر علي يوم القيامة وجلس ابن مسعود في السوق يبتاع طعاماً فابتاع ثم طلب الدراهم وكانت في عمامته فوجدتها قد حلت فقال لقد جلست وإنها لمعي فجعلوا يدعون على من أخذها ويقولون اللهم اقطع يد السارق الذي أخذها اللهم افعل به كذا فقال عبد الله اللهم إن كان حمله عَلَى أَخْذِهَا حَاجَةٌ فَبَارِكْ لَهُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ حَمَلَتْهُ جَرَاءَةٌ عَلَى الذَّنْبِ فَاجْعَلْهُ آخِرَ ذنوبه وقال الفضيل ما رأيت أزهد من رجل من أهل خراسان جلس إلي في المسجد الحرام ثم قام ليطوف فسرقت دنانير كانت معه فجعل يبكي فقلت أعلى الدنانير تبكي فقال لا ولكن مثلتني وإياه بين يدي الله عز وجل فأشرف عقلي على إدحاض حجته فبكائي رحمة له وقال مالك بن دينار أتينا منزل الحكم بن أيوب ليلاً وهو على البصرة أمير وجاء الحسن وهو خائف فدخلنا معه عليه فما كنا مع الحسن إلا بمنزله الفراريج فَذَكَرَ الحسن قِصَّةَ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَا صنع به إخوته من بَيْعِهِمْ إِيَّاهُ وَطَرْحِهِمْ لَهُ فِي الْجُبِّ فَقَالَ بَاعُوا أَخَاهُمْ وَأَحْزَنُوا أَبَاهُمْ وَذَكَرَ مَا لَقِيَ مِنْ كَيْدِ النِّسَاءِ وَمِنَ الْحَبْسِ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا الْأَمِيرُ مَاذَا صَنَعَ اللَّهُ بِهِ أَدَالَهُ مِنْهُمْ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ وَأَعْلَى كَلِمَتَهُ وَجَعَلَهُ عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ فَمَاذَا صَنَعَ حِينَ أَكْمَلَ لَهُ أمره وجمع له أَهْلَهُ قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ الله لكم وهو أرحم الراحمين يعرض للحكم بالعفو عن أصحابه قال الحكم فأنا أقول لا تثريب عليكم اليوم ولو لم أجد إلا ثوبي هذا لواريتكم تحته وكتب ابن المقفع إلى صديق له يسأله العفو عن بعض إخوانه فلان هارب من زلته إلى عفوك لائذ منك بك واعلم أنه لن يزداد الذنب عظما إلا ازداد العفو فضلاً وأتى عبد الملك بن مروان بأسارى ابن الأشعث فقال لرجاء بن حيوة ما ترى قال إن الله تعالى قد أعطاك ما تحب من الظفر فأعط الله ما يحب من العفو فعفا عنهم وروي أن زياد أخذ رجلاً من الخوارج فأفلت منه فأخذ أخاً له فقال له إن جئت بأخيك وإلا ضربت عنقك فقال أرأيت إن جئتك بكتاب من أمير المؤمنين تخلي سبيلي قال نعم قال فأنا آتيك بكتاب من العزيز الحكيم وأقيم عليه شاهدين إبراهيم وموسى ثم تلا أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى أن لا تزر وازرة وزر أخرى فقال زياد خلوا سبيله هذا رجل قد لقن حجته وقيل مكتوب في الإنجيل من استغفر لمن ظلمه فقد هزم الشيطان فَضِيلَةُ الرِّفْقِ

اعْلَمْ أَنَّ الرِّفْقَ مَحْمُودٌ وَيُضَادُّهُ الْعُنْفُ وَالْحِدَّةُ وَالْعُنْفُ نَتِيجَةُ الْغَضَبِ وَالْفَظَاظَةِ

وَالرِّفْقُ واللين نتيجة حسن

<<  <  ج: ص:  >  >>