للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحب أن يلحقه وإن خلفه أحب أن يتخلف معه (١)

وقال صلى الله عليه وسلم أخلاء ابن آدم ثلاثة واحد يتبعه إلى قبض روحه والثاني إلى قبره والثالث إلى محشرة فالذي يتبعه إلى قبض روحه فهو ماله والذي يتبعه إلى قبره فهو أهله والذي يتعبه إلى محشره فهو عمله (٢)

وقال الحواريون لعيسى عليه السلام مالك تمشي على الماء ولا نقدر على ذلك فقال لهم ما منزلة الدينار والدرهم عندكم قالوا حسنة قال لكنهما والمدر عندي سواء وكتب سلمان الفارسي إلى أبي الدرداء رضي الله عنهما يا أخي إياك أن تجمع من الدنيا مالاً تؤدي شكره فإني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يجاء بصاحب الدنيا الذي أطاع الله فيها وماله بين يديه كلما تكفأ به الصراط قال له ماله امض فقد أديت حق الله في ثم يجاء بصاحب الدنيا الذي لم يطع الله فيها وماله بين كتفيه كلما تكفأ به الصراط قال له ماله ويلك ألا أديت حق الله في فما يزال كذلك حتى يدعو بالويل والثبور (٣)

وكل ما أوردناه في كتاب الزهد والفقر في ذم الغنى ومدح الفقر يرجع جميعه إلى ذم المال فلا نطول بتكريره وكذا كل ما ذكرناه في ذم الدنيا فيتناول ذم المال بحكم العموم لأن المال أعظم أركان الدنيا وإنما نذكر الآن ما ورد في المال خاصة

قال صلى الله عليه وسلم إذا مات العبد قالت الملائكة ما قدم وقال الناس ما خلف (٤) حديث لا تتخذوا الضيعة فتحبوا الدنيا أخرجه الترمذي والحاكم وصحح إسناده من حديث ابن مسعود بلفظ فترغبوا //

الآثار روي أن رجلاً نال من أبي الدرداء وأراه سوءاً فقال اللهم من فعل بي سوءاً فأصح جسمه وأطل عمره وأكثر ماله فانظر كيف رأى كثرة المال غاية البلاء مع صحة الجسم وطول العمر لأنه لا بد وأن يفضي إلى الطغيان ووضع علي كرم الله وجهه درهماً على كفه ثم قال أما إنك ما لم تخرج عني لا تنفعني وروي أن عمر رضي الله عنه أرسل إلى زينب بنت جحش بعطائها فقالت ما هذا قالوا أرسل إليك عمر بن الخطاب قالت غفر الله له ثم سلت ستراً كان لها فقطعته وجعلته صرراً وقسمته في أهل بيتها ورحمها وأيتامها ثم رفعت يديها وقالت اللهم لا يدركني عطاء عمر بعد عامي هذا فكانت أول نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوقاً به وقال الحسن والله ما أعز الدرهم أحد إلا أذله الله وقيل إن أول ما ضرب الدينار والدرهم رفعهما إبليس ثم وضعهما على جبهته ثم قبلهما وقال من أحبكما فهو عبدي حقاً وقال سميط بن عجلان إن الدراهم والدنانير أزمة المنافقين يقادون بها إلى النار وقال يحيى بن معاذ الدِّرْهَمُ عَقْرَبٌ فَإِنْ لَمْ تُحْسِنْ رُقْيَتَهُ فَلَا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ إِنْ لَدَغَكَ قَتَلَكَ سُمُّهُ قِيلَ وَمَا رُقْيَتُهُ قَالَ أَخْذُهُ مِنْ حِلِّهِ وَوَضْعُهُ في حقه وقال العلاء بن زياد تمثلت لي الدنيا وعليها من كل زينة فقلت أعوذ


(١) حديث قال رجل يا رسول الله مالي لا أحب الموت الحديث لم أقف عليه
(٢) حديث أخلاء ابن آدم ثلاثة واحد يتبعه إلى قبض روحه والثاني إلى قبره الحديث أخرجه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط من حديث النعمان بن بشير بإسناد جيد نحوه ورواه أبو داود الطيالسي وأبو الشيخ في كتاب الثواب والطبراني في الأوسط من حديث أنس بسند جيد أيضا وفي الكبير من حديث سمرة بن جندب وللشيخين من حديث أنس يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى واحد الحديث
(٣) حديث كتب سلمان إلى أبي الدرداء وفيه سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول يجاء بصاحب الدنيا الذي أطاع الله فيها وماله بين يديه الحديث قلت ليس هو من حديث سلمان إنما هو من حديث أبي الدرداء أنه كتب إلى سلمان كذا رواه البيهقي في الشعب وقال بدل الدنيا المال وهو منقطع
(٤) حديث إذا مات العبد قالت الملائكة ما قدم الحديث أخرجه البيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة يبلغ به وقد تقدم في آداب الصحبة
وقال صلى الله عليه وسلم لا تتخذوا الضيعة فتحبوا الدنيا

<<  <  ج: ص:  >  >>