للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المطعم والملبس والمسكن ويقتصر على أقله قدراً وأخسه نوعاً ويرد أمله إلى يومه أو إلى شهره ولا يشغل قلبه بما بعد شهر فإن تشوق إلى الكثير أو طول أمله فاته عز القناعة وتدنس لا محالة بالطمع وذل الحرص وجره الحرص والطمع إلى مساوئ الأخلاق وارتكاب المنكرات الخارقة للمروءات وَقَدْ جُبِلَ الْآدَمِيُّ عَلَى الْحِرْصِ وَالطَّمَعِ وَقِلَّةِ الْقَنَاعَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ ذهب لابتغى لهما ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب (١) وعن أبي واقد الليثي قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أوحى أليه أتيناه يعلمنا مما أوحى إليه فجئته ذات يوم فقال إن الله عز وجل يقول إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولو كان لابن آدم واد من ذهب لأحب أن يكون له ثان ولو كان له الثاني لأحب أن يكون لهما ثالث ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب (٢) وقال أبو موسى الأشعري نزلت سورة نحو براءة ثم رفعت وحفظ منها إن الله يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ولو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب (٣)

وقال صلى الله عليه وسلم منهومان لا يشبعان منهوم العلم ومنهوم المال (٤)

وقال صلى الله عليه وسلم يهرم ابن آدم ويشب معه اثنتان الأمل وحب المال أو كما قال (٥)

ولما كانت هذه جبلة للآدمي مضلة وغريزة مهلكه أثنى الله تعالى ورسوله على القناعة فقال صلى الله عليه وسلم طوبى لمن هدي للإسلام وكان عيشه كفافاً وقنع به (٦)

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ أحد فقير ولا غني إلا ود يوم القيامة أنه كان أوتي قوتاً في الدنيا (٧)

وقال صلى الله عليه وسلم ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس (٨)

ونهى عن شدة الحرص والمبالغة في الطلب فقال أيها الناس أجملوا في الطلب فإنه ليس لعبد إلا ما كتب له ولن يذهب عبد من الدنيا حتى يأتيه ما كتب له من الدنيا وهي راغمة (٩)

وروي أن موسى عليه السلام سأل ربه تعالى فقال أي عبادك أغنى قال أقنعهم مما أعطيته قال فأيهم أعدل قال من أنصف من نفسه (١٠) حديث ابن مسعود إن روح القدس نفث في روعى إن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في القناعة والحاكم مع اختلاف وقد تقدم فيه (١١) حديث أبي هريرة كن ورعاً تكن أعبد الناس الحديث أخرجه ابن ماجه وقد تقدم //


(١) حديث لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ ذَهَبٍ لابتغى لهما ثالثا الحديث متفق عليه من حديث ابن عباس وأنس
(٢) حديث أبي واقد الليثي إن الله عز وجل يقول إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة الحديث أخرجه أحمد والبيهقي في الشعب بسند صحيح
(٣) حديث أبي موسى نزلت سورة نحو براءة ثم رفعت وحفظ منها إن الله يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم لو أن لابن آدم واديين من مال الحديث أخرجه مسلم مع اختلاف دون قوله إن الله يؤيد هذا الدين ورواه بهذه الزيادة الطبراني وفيه علي بن زيد متكلم فيه
(٤) حديث منهومان لا يشبعان الحديث أخرجه الطبراني من حديث ابن مسعود بسند ضعيف
(٥) حديث يهرم ابن آدم ويشب معه اثنتان الحديث متفق عليه من حديث أنس
(٦) حديث طوبى لمن هدي للإسلام وكان عيشه كفافاً وقنع به أخرجه الترمذي وصححه والنسائي في الكبرى من حديث فضالة ابن عبيد ولمسلم من حديث عبد الله بن عمر وقد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه
(٧) حديث ما من أحد غني ولا فقير إلا ود يوم القيامة أنه كان أوتي في الدنيا قوتا أخرجه ابن ماجه من رواية نفيع بن الحارث عن أنس ونفيع ضعيف
(٨) حديث ليس الغنى عن كثرة العرض وإنما الغنى غنى النفس متفق عليه من حديث أبي هريرة
(٩) حديث ألا أيها الناس أجملوا في الطلب فإنه ليس لعبد إلا ما كتب له أخرجه الحاكم من حديث جابر بنحوه وصحح إسناده وقد تقدم في آداب الكسب والمعاش
(١٠) وقال ابن مسعود قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن روح القدس نفث في روعي إن نفس لن تموت حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب
(١١) وقال أبو هريرة قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة إذا اشتد بك الجوع فعليك برغيف وكوز من ماء وعلى الدنيا الدمار وقال أبو هريرة رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كن ورعاً تكن أعبد الناس وكن قنعاً تكن أشكر الناس وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمناً

<<  <  ج: ص:  >  >>