للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذه الغفلة عن هذه المعاني قل نصيب هذا الجيل منها، وأخشى أن تؤدي الغفلة عنها إلى ضعف فيها، ويؤدي الضعف إلى تحلل وانهيار، ونكون قد هدمنا باطلا ولم نبن حقا، بل نكون قد هدمنا الباطل والحق معا، وهي أخسر الصفقات.

من أمهات الفضائل التي يحض عليها الإسلام المحبة الملتزمة للتعاون، بل هي نقطة البدء في التربية الإسلامية، وتتشعب منها الرحمة والرفق، وقد أمر المسلم بمحبة أعدائه ومن محبتهم إرادة الخير لهم، ومحبة الحيوان الأعجم، ومن محبته الرحمة له والرفق به وأين حظنا من هذا؟ الذي نراه ونلمس آثاره آسفين محزونين هو أننا كدنا نفلس في هذا الباب، -باب المحبة- إفلاسا تاما، ومن أفلس في أصل أفلس في فروعه والمحبة سائق عنيف يسوق النفوس بعضها إلى بعض ثم يسوقها جميعا إلى الخير، فإذا فقدت النفوس هذا السائق ساقها الشيطان إلى مثل ما نحن فيه من الشر والتخاذل والهلاك.

أما كلمة المحبة التي تتردد على ألسنتنا وتكتبها أقلامنا فهي كلمة فارغة من معناها، فهي كاذبة، لأنها لم تأت بشهودها من التعاون والنتائج، ولا بلوازمها من الإيثار والإحسان، فأصبحت جوفاء عادية مثل كلمة: (بخير) و (صباح الخير).

ونحن في حاجة إلى تربية نفوسنا وأبنائنا وأهلينا على الفضائل الإسلامية بعد تربيتهم على العقائد الإسلاممة، وما العقيدة إلا أساس يمسك البناء أن ينهار، أما مصدر النفع والآنتفاع فهو ما يرفع على الأساس من مرافق. وأنا حين أسجل حزني وتطيري من التدهر الأخلاقي الذي أشاهده - أسجل اغتباطي بما قرأته للأخ سحنون وأعتبره من الأغذية الصالحة والأدويه النافعة، وأعده بداية يجب أن تتسع، وواجبا يطلب التعاون، وطريقة مثلى في إحياء التأسي والاتباع بسوق الأمثلة وضرب الأمثال. فطر في هذه الأجواء الروحية يا سحنون، وعسى أن تكون هذه الكلمة شادة لعضدك حافزة لك على المزيد، ومازلت أذكر قولهم:

(البركة في سحنون) ...

الفضيل الورتلاني

<<  <   >  >>