ضاق نطاق المقال السابق عن إيراد نماذج وأمثلة من الخلق الحسن، لذا نوردها هنا- وقد كنا ذكرنا- فيما سبق- أن خلق المسلم كان خير دعوة إلى الإسلام فأصبح خلق المسلم اليوم منفرا من الإسلام وحجه على الإسلام ولكن ما ذنب الحسام إذا ما أحجم البطل والحقيقة التي يجب أن لا تغيب عن البال هي أن المبادئ العظيمة إذا لم تعش في أشخاص وتتمثل في سير أفراد نسيها الناس واختفت من مسرح الحياة، والإسلام -وهو المثل الأعلى للمبادئ الإنسانية العظيمة- لو لم يعش في أشخاص أناس ويتمثل في سيرهم ويحيا في سلوكهم لما بقي إلى اليوم، ذلك أن المبادئ الإنسانية والأخلاق العظيمة قدوة وعمل وليست مجرد أقوال تقال أو الفاظ تكتب أو دعاوي يتبجح بها، وما دعا إلى مبدإ كالعمل به، وما نهى عن خلق قبيح كاجتنابه، لذلك يقول الله تبارك وتعالى على لسان نبيه شعيب عليه السلام:{وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} فإذا أردنا لعصر الإسلام الذهبي عودة فلنتخلق بأخلاق عظماء الإسلام، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:" الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار كذلك" وشكا قوم إلى المسيح عليه السلام ذنوبهم فقال: "اتركوها تغفر لكم" والشاعر يقول:
وما المرء إلا حيث يجعل نفسه ... ففي صالح الأعمال نفسك فاجعل
وإلى القارئ هذه الذخائر الغالية من الأخلاق العالية في ناحية واحدة من نواحي الخلق وهي سماحة النفس وسخاء اليد، لأن المقام لا يتسع لسائر النواحي ولأن كل ناحية من هذه النواحي ستأتي أمثلتها في موضعها إن شاء الله: