إن في القرآن ما يفتح عيوننا على عالم أفضل، وحياة أكمل، ويوجهنا الوجهة الصالحة الرشيدة لبلوغ الأهداف البعيدة، واقتطاف الثمار اليانعة للحياة السعيدة.
وإن الله قد وصف القرآن بعدة أوصاف كلها شائق، وكلها لعطف النفوس الشاردة عن القرآن إلى حضيرة القرآن، ويملأها بالطهر والصفاء والإيمان.
إن الله يصف القرآن بأنه الهادي إلى الصراط الأقوم إذ قال:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} وإذ قال: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ}، ويصفه بقوة التأثير في النفوس، وشدة الأسر للقلوب إذ قال:{لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}، ويصفه بالإحاطة والشمول والعمق وغزارة المادة إذ قال:{قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} ويصفه بأنه شفاء ورحمة إذ قال: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} ويصفه بأنه ميسر لمن أراد أن يتدبر أو يتذكر إذ قال: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} ولكن القلوب تصرفها الشهوات عن التذكر والتدبر، فلا يتذكر ويتدبر إلا من خشي الله وتوتقت صلته بالله، لذلك يقول الله تعالى:{سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى}، ولما كانت خشية الله تقوم على معرفة الله قال الله تعالى:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}، وإذن فالعلم هو الأساس في كل خير، فلا عجب أن تكون الدعوة إلى قراءة العلم هي غرة القرآن، وأول ما نزل منه، وإذن فأعدى عدو لك هو منيقف في طريقك لطلب العلم ويحول بينك وبين ورود مناهله العذبة.