إن المرأه المسلمة اليوم لتجتاز ظرفا من أقسى الظروف وأعنفها على كيانها الديني والخلقي، نخشى أن يقضي على البقية الباقية من ميراثها الإسلامي (لا قدر الله) والذي ساعد على وجود هذا الظرف السيء بصفة واضحة هو النظام الأروبي الحديث، فكل أرض ثبت فيها قدمه وركز فيها علمه يضع لها جهازا خاصا يسمم فيها كل بذرة للحرية ويخنق فيها كل نفس للحياة، وهذا نفس ما صنعه عندما وطىء أرض الإسلام المقدسة بأقدامه النجسة، فقد عمد إلى مبعث يقظتها ومنبع نورها ومعقد عزها، وهو الإسلام، فقاومه أعنف مقاومة وقعد له كل مرصد، ووضع في طريقه مختلف العراقيل، وشغل المسلمين عن تعاليمه إلروحية بتعاليم مادية تغريهم بالرذيلة وتزين لهم الكفر والفسوق والعصيان، وتبث في نفوسهم النفور من الفضيلة والتنكر لكل ما يمت إلى الإسلام بصلة، هذا من الناحية الروحية، وأما من الناحية المادية فقد أستولى على كل منبع للثروة وكل مورد للرزق، وترك أبناء البلاد الأصلاء يقاسون الفقر المدقع ويصلون نار الحرمان المهلك، وهكذا الاستعمار الكافر يعطل الأمة من جناحيها معا ويرزؤها في قوتيها جميعا: القوة الروحية، والقوة المادية وما صلاح أمة رزئت في دينها وأبتليت بالفقر، والأمة إذا تركت دينها ضلت سبيلها، وإذا ذهبت ثروتها كثرت فيها الشرور، والفقر منبع الشرور كما يقولون، بل منبع الكفر والتمرد والفسوق، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم:"كاد الفقر أن يكون كفرا" فعدم الاعتراف باللغة العربية والتعاليم الإسلامية من جهة، وتفقير الشعب وحرمانه من خيرات بلاده من جهة أخرى، دفع بأبناء البلاد التعساء إلى تعلم لغة غير لغتهم المحكوم عليها بالموت، وإلى تشغي أبنائهم وبناتهم عند الأجانب الذين لا يرحمون