يحرص الإسلام كل الحرص على ما يثبت المحبة في القلب ويشيع روحها في المجتمع، لأن أمة لا يربط بين أفرادها رباط المحبة، هي أمة مضعضعة البناء، مفككة الأجزاء، لا تثبت على رياح الخطوب وعواصف الأحداث، وأي بناء يبقى على البغضاء؟ وأي مجتمع يسلم على العداوة؟ وأي قلب يصلح على الكراهية والحقد؟.
إن الإسلام دين الفطرة، فهو يبني أسس المجتمع الصالح على ما لا يتصادم مع الفطرة، والمحبة هي الصخرة الثابتة التي قام عليها عمران الكون الذي يبدأ بذكر وأنثى ربط بينهما رباط المحبة، وقد شعر شوقي رحمه الله بهذا المعنى إذ قال:
فطر الله على الحب الورى ... وبنى الكون عليه وعمر
وأجمل صفة يتصف بها عباد الله وأعظم صلة تصلهم بالله، هي المحبة، لذا يقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}.
ولكن المحبة- لشرفها- لا تتطفل على الموائد وإنما تقوم على الأسباب والوسائل، لذا فالإسلام يدعو إلى كل ما يغرس المحبة في القلوب، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"تهادوا تحابوا" أي ليهد بعضكم إلى بعض ليحب بعضكم بعضا، وفي قوله: تحابوا، لفتة ذهنية عجيبة، فهو يجعل المحبة هي الغاية وجعلها هي الغاية تشريف لها وأي تشريف، لأنها دعامة التعاون الذي هو أساس العمران، ولأنها تنفي من