أليس من الخسران أن لياليا ... تمر بلا نفع وتحسب من عمري؟
الله أكبر! صدق رسول الله إذ قال:"إن من الشعر لحكمة" وصدق هذا الشاعر الذي عرف قيمة ما أضاع من لياليه التي مرت بلا نفع وحسبت عليه فبكاها بهذا البيت المؤثر ورثاها بهذا اللحن الحزين الذي بندب فيه حظه ويحكم على نفسه بالخسران وأي خسارة كخسارة الوقت التي لا تعوض لأن الوقت من ذهب لا يعود منه ما ذهب بل ربما عاد الذهب أما الوقت فلو اجتمع الخلق كلهم على أن يعيدوا منه دقيقة واحدة لما قدروا، فلا أنفس- إذن من الوقت ولا أخسر صفقة ولا أضل سعيا ممن أضاع وقته في التفاهات والأباطيل، ورغم هذا لا نرعى للوقت حرمة ولا نقم له وزنا ولا نعرف له قيمة ولا نسرف في شيء كما نسرف في إنفاقه في غير طائل ولا جدوى وإني لأعرف جيوشنا جرارة من شبابنا ينفقون كل بياض نهارهم في المقاهي منكبين على النرد أو الورق لا يلتفتون لشيء ولا يهمهم شيء ولا يعملون أي عمل ينفعهم أو ينفع أهلهم أو وطنهم كأن الله لم يخلقهم إلا ليكونوا كذلك.
وإذا جهلنا نحن قيمه الوقت فإن الاستعمار يدرك جيدا ما للوقت من قيمة يخسر الملايين في بناء المسارح والمراقص، والسينمات ليشغل الناس بالكماليات ويصرفهم عن الضروريات ويسلبم الآنتفاع بالأوقات.
ألا ما أشد جهل الإنسان خلق لأمر عظيم فحسب أنه خلق ليملأ بطنه ويكسو جلده وينام ملء جفنيه ولا يفكر فيما قطع وراءه من مراحل عمره ولا فيما بقي له منها