يكاد القسم القصصي من القرآن يتلخص في تصوير مصارع الطغاة ومصائر الظلمة، فهذا مصرع فرعون يبتلعه البحر:{فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا} وهذا مصرع قارون تبتلعه الأرض: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} وهذا مصرع مدينة برمتها- هي مدينة سبأ-: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} وهذه مصارع أقوام عديدين كذبوا الرسل وعتوا عن أمر ربهم وتكبروا في الأرض بغير الحق مثل قوم هود وقوم صالح وقوم لوط وهذا عالم بأسره يلقي مصرعه في فترة من فترات التاريخ: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} وهكذا كل طاغية تتحكم فيه الأنانية ويعميه الغرور فيتحدى الخلق والخالق لا بد أن يلقي مصرعه على نحو من الأنحاء وعلى صورة من الصور: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}،والعبرة التي نستخلصها من مصارع الطغاة ومصائر الظلمة هي أن الأقوياء يجب أن لا يغتروا وأن الضعفاء يجب أن لا يقنطوا فإن لهذا العالم حارسا من عناية الله وكافلا من رعايته وتدبيره فلا يتركه تعبث به أيدي المفسدين وتتحكم فيه شهوات الظالمين المستبدين:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}.