إن بناء يقوم على الظلم هباء، وإن ارتقاء على جماجم القتلى لا يقال له
ارتقاء، وإن ملكا يجمع من السلب والنهب واللصوصية ليس له بقاء.
ذلك لأن "الظلم مرتعة وخيم" فإذا نبتت النفوس في تربة الظلم وعاشت
في جو الظلم وتغذت من دماء المظلومين فإن هذه النفوس تخرج إلى الدنيا حاملة معها جراثيم الفناء التي تستأصلها، فلا عجب- إذن- أن تكون عاقبة الظالمين شر العواقب، ولا عجب أن نرى القرآن مفعما بذكر مصارع الظالمين وعواقب الطغاة السيئة، فيذكر مساوئهم ومظالمهم وما كسبت أيديهم، ثم يعقب بذكر عواقبهم ومصائرهم، وهي انقراضهم وذهاب ريحهم، وخراب بيوتهم،: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}{فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا}. ولذا لما طلب أبو جعفر المنصور من عمرو بن عبيد أن يعظه لم يجد في ذلك مادة أخصب ولا أوثق من القرآن فقال: نعم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ * أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}.
وفي المثل: الظلم آخر مدة القوم:
وفي الحديث: "ثلاث دعوات مستجابات، دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده، ولذا يقول الشاعر: