للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٨ - على مائدة القرآن]

{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}

إن المجد الحق هو مجد الخلود، الذي توج الله به كتاب هذه الأمة، وهذه الآية حي مفتاح عظمة القرآن، لأنها آية خلوده وبقائه على تعاقب الدهور والأنمان.

إن هذه الآية لترغم أنف الشيطان، فتنبت في القلوب المجدبة من الايمان، شجرة الإيمان فالناس يتلون هذه الآية منذ اربعة عشر قرنا إلى الآن، ولم يروا ما يغير معناها أو يفند خبرها، فمازال القرآن يتحدى الزمان، ويهزأ بالحدثان، لم تستطع أية قوة في الدنيا أن تنقص منه حرفا أو تزيد كلمة، أو تغير عبارة، ومازالت هذه الآية الكريمة تقرع الآذان وتجلجل الأسماع،

مذكرة لهذا التحدي مجددة لهذا الإقناع، معلنة في الناس بأن هذا الكتاب لو كان من صنع البشر، لبان ذلك وظهر، ولفضحت دعوة محمد وانتهى أمر هذا الكتاب، إلى ما انتهى إليه أمر الكتب التي تقدمته، ولكنه كلام الله الذي ميزه دون ما سبقه من الكتب، بالخلود أبد الدهر.

ورغم ذلك فليست عظمة القرآن في خلوده بقدر ما هي في سبب خلوده فإن السبب في أن الله تكفل بحفظه، أنه كتاب دين جعله خاتمة الأديان، فيجب أن يبقى على وجه الزمان، لأن الله جعله صالحا لكل زمان.

ولذا لم يتكفل بحفظ الكتب الأخرى، لأنها أنزلت لزمن خاص ولجيل معين من الناس، فحفظها لا تترتب عليه فائدة، وبهذا تقوم الحجة، على من لم يذعن لدعوة الإسلام، وناصب أهله العداء ولج في الخصام.

ولهذا فإنني أكاد لا أومن بأن الباعث على التنكر للإسلام ديني محض، بل هو باعث سياسى أكثر مما هو ديني، فإن الإيمان بالاسلام لا يتنافى- بحال-

<<  <   >  >>