إن القنوط واليأس ليس من شأن المسلم مهما عظم كربه واشتد خطبه، وإنما المسلم لا ينقطع رجاؤه من ربه إلا إذا انقطع وجوده من هذه الدنيا ولذا يجعل القرآن اليأس من روح الله كفرا والقنوط من رحمته ضلالا، {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}{وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ}.
وعلام اليأس وليس لحالة دوام في دنيا الفناء والتحول؟ وكيف تدوم الشدة والرخاء لم يدم؟ ولو دام الرخاء لما جاءت الشدة وهو معنى قوله تعالى:{إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} وإذا خفي عنا هذا فلنذكر كيف كان المسلمون في بداية أمرهم يقاسون من أعداء دينهم كل شدة وكل بلاء ثم أعبهم الله النصر وجاءهم بالفتح وأبدلهم من خوفهم أمنا، فليس اليأس- إذن- إلا خديعة من الشيطان يريد بها قطع صلة العبد بربه ورجائه فيه.
وما أصدق كلمة مصطفى لطفي المنفلوطي في هذا المعنى إذ يقول:"اليأس هو الخديعة الكبرى التي يدسها الشيطان دائما في نفوس الأمم الضعيفة التي يريد الفتك بها والقضاء عليها".