وبلية تنتج بلايا ومآثم، ولا عجب- إذن- أن يحرص نبي هذه الأمة عليه الصلاة والسلام على أن تعتصم المرأة ببيتها إذ يقول فيما رواه ابن مسعود رضي الله عنه:"المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها" وروي عن ابن مسعود أيضا: أن امرأته سألته أن يكسوها جلبابا فقال: إني أخشى أن تدعى جلباب الله الذي جلببك به، قالت: وما هو؟ قال: بيتك، أجنك (أي من أجل أنك) من أصحاب رسول الله.
فيا أيتها المرأة المسلمة: يجب أن تعلمي هذا كله، وتذكري هذا كله، وتقومي بهذا كله، فإن سلفك الصالح من النساء المسلمات قد قمن بهذا كله.
واذكري- أيتها المرأة المسلمة- أنك كنت المثل الأعلى للمرأة الفاضلة الكاملة فقد مضى لك عهد كنت فيه تزاحمين الرجل في طريق الكمال، فكنت في الدين في السابقين الأولين يوم أسلمت خديجة أم المؤمنين قبل الناس أجمعين وكنت في العلم بالدين موضع الرأي الأصيل والنظر الرصين يوم قال الرسول الأمين في عائشة أم المؤمنين:"خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء"(تصغير حمراء). ويوم أن قال لفاطمة إبنته: أي شيء خير للمرأة؟ فقالت: أن لا ترى الرجل ولا يراها الرجل فضمها إلى صدره وقال: ذرية بعضها من بعض"، وكنت مثال التضحية والمفاداة والصبر والثبات، يوم ثبتت أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد وقد تفرق عنه المسلمون إلا جماعة يسيرة، حتى جرحت أثثى عشر جرحا، وحتى قال فيها صلى الله عليه وسلم كما يروي البخاري-: ما التفت يمينا ولا شمالا، إلا ورأيتها تقاتل دوني وقال لها: ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟
هكذا كنت وهكذا يجب أن تكوني، لتؤدي اليوم الرسالة التي كنت تؤدينها