ولقد قابل- عليه الصلاة والسلام- هذه النعمة بما ينبغي لها من تواضع لله وحلم على الجناة فبعد أن دخل مكة في ذلك المشهد المهيب والمهرجان التاريخي الهائل وعمد إلى البيت الحرام فحطم ما علق فيه من أصنام- وكان به ثلاثمائة وستون صنما- وهو يقول:{جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}{جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} وبعد أن توسط البلد الذي أخرج منه ظلما وأتجه يبصره إلى أهله الذين أخرجوه منه قال لهم: ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرا أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: إني لا أقول إلا ما قال أخي يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم: أذهبوا فأنتم الطلقاء.
وهكذا الرجل العظيم لا تطغيه النعمة ولا يبطره إجتماع أسباب القوة، وهكذا عقبي الصابرين المتقين.
و {لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.