إن مثل هذا الإمام الذي يعتبر من القمم الشامخة لمجد الإسلام يعترف بأنه مراء، ثم يعترف بأنه أشتفى من هذا الداء العضال بتأثير روح قوية وبمجالسة إمام أقوى سلطانا منه على نفسه، هو أبو هاشم الزاهد، إن هذا الذي صنع هذا الإمام لشيء عزيز المنال بعيد المرام، ولكنه العلاج الناجع والمنهج الذي يجب أن نسير عليه لبلوغ الهدف الذي نرمي إليه، فقد طغى سلطان الغرور، وحب الظهور، على كل شعور، ولاسيما في البيئات الخاصة حيث الأيدي الممسكة بأزمة الأمور وحيث الأطماع المتصارعة والأهواء المتدافعة حول قيادة الجمهور.
ويؤسفني أن يدفعني ما رأيت وما سمعت إلى أن أقول: إن أكثر الناس اليوم مراءون ولكنهم لا يعترفون وذووا نقائص وعيوب ولكن بدل أن يشغلهم علاجها يلصقون بالبقية الصالحة عيوبا ليست فيهم ليرضوا بذلك غرورهم، وإن ضاعفوا شرورهم.
إن اعتراف المريض بمرضه هو أولى خطوات العلاج، فلنعترف بما فينا من نقص وعبب، ولنسع- مخلصين- في العلاج، وأين نحن من أولئك الهداة الأعلام الذين يحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا، ويعين أنفسهم قبل أن يعابوا.
رآى محمد بن واسع ابنه بمشي الخيلاء فناداه وقال له: "ويلك، أتمشي هذه المشية وأبوك أبوك وأمك أمك، أما أمك فأمة ابتعتها بمائتي درهم، وأما أبوك فلا كثر الله في الناس مثله.
وبعث سعد بن أبي وقاص بعد انتصاره في موقعة القادسية إلى عمر بن الخطاب قباء كسرى وسيفه ومنطقته وسراويله وتاجه وقميصه وخفيه، فنظر عمر في وجوه القوم عنده، فكان أجسمهم وأمدهم قامة سراقة ابن مالك بن جعشم المدلجي فقال: يا سراق: قم فالبس، قال سراقة: طمعت فيه فقمت فلبست، فقال: أدبر، فأدبرت وقال: أقبل فأقبلت، قال: (بخ بخ أعرابي من بني مدلج عليه قباء كسرى وسراويله وسيفه ومنطف وتاجه وخفاه، رب يوم يا سراق لو كان عليك فيه دون هذا من متاع كسرى وآل كسرى لكان شرفا لك ولقومك، انزع قال: فنزعت فقال: