الدعوة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده، إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه، ما يتقبل الله منه عملا أربعين يوما، وأيما عبد نبت لحمه من سحت، فالنار أولى به، وقال ابن عباس رضي الله عنه:(لا يقبل الله صلاة امرىء في جوفه حرام)، وروى الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنه قال: من اشترى ثوبا بعشرة دراهم في ثمنه درهم حرام، لم يتقبل الله له صلاته ما كان عليه، ثم أدخل أصبعيه في أذنيه فقال: صمتا: (أصابهما الصمم) إن لم أكن سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج.
وأخرج الطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا خرج الرجل حاجا بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز (الركاب) فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لبيك وسعديك، وزادك حلال، وراحلتك حلال، وحجك مبرور، غير مأزور، وإذا خرج الرجل بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء: لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك غير مبرور.
ومعنى أن الله لا يستجيب لنا أنه يقطع صلته بنا، وفي هذا ما فيه من شقاء دنيانا وأخرانا، وهل معنى عبادتنا إياه بصلاتنا وصيامنا ونحوهما إلا السعي وراء ما يقوي صلتنا به فيهبنا ما به صلاحنا وفلاحنا وإذا لم يقبل دعاءنا، لم نكن على ثقة من قبول سائر عباداتنا، فالدعاء ليس إلا نوعا من العبادة بل هو مخ العبادة، كما في الحديث. وإذن فأكل الحرام لا يرد الدعاء فقط، وإنما يرد كل ما نقرب به من أنواع الطاعات والعبادات لأن الله طيب، لا يقبل إلا طيبا، وإذا كان غذاؤنا حراما، فمعنى ذلك أننا نبتنا من حرام، والنبات الخبيث لا يثمر إلا خبيثا، والله تعالى يقول:{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} بل يقول: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا}.
فإذا أردنا أن نتطهر، فأول ما نبدأ به أن ننتقي الغذاء الطاهر والمطعم الطيب كي نوجد المنبت الطيب للأعمال الطيبة، ثم نتطهر من الذنوب السالفة، بالتوبة، ومن الحاضرة بالإقلاع ومن الآتبة بالتوقي والإبتعاد، فإذا صدر منا بعد ذلك عمل أو