وصوت الواعظ أو الخطيب لا يبلغ هذه السراديب، وإن النور والهواء لفي القمم الشماء لا في أعماق الأرض وباطن الثرى، وبينما أنا أفكر في حل لهذه العقدة، قدحت في خاطري فكرة، إذ ذكرت قوله- عليه الصلاة والسلام-: "ليبلغ الشاهد منكم الغائب" ولكن أين الشاهد من الشبان الذي يبلغ الغائب منهم في أوكار الشيطان، فإنه لا يؤثر في الشاب إلا شاب من طبقته، ولم أيأس، وواصلت التفكير والبحث عن الرائد الصالح، للشباب الطالح حتى انتهى بي المطاف إلى بيت الله، ولما فرغت من الصلاة التفت حولي، أرتاد الرائد وأبحث عن الشاهد الذي يبله الغائب، إذا بالحال غير الحال والناس غير الناس، وإذا بصفوف المصلين تتألف أكثريتها من (الشبان المسلمين) فقلت الآن، آن الأوان لبعث المسلمين وعودة الأمة الإسلامية من جديد، فإن الله أناط حياة كل أمة بحياة شبابها، وإذا بي أنشد من غير شعور، قول أبي العتاهية:
"روائح الجنة في الشباب"
وقلت: الآن وجدت الشاهد، الذي يبلغ الغائب، فليقم هؤلاء الشبان بإنقاذ من بقي لهم من الإخوان، وإبلاغهم ساحل الأمان، ولكن لأمر ما خطر ببالي قول القائل:
ولا ينفع الجرباء قرب صحيحة ... إليها، ولكم الصحيحة تجرب
وخفت على هذا الفريق أن يغرق في سبيل إنقاد الغريق، خوف التاجرا الحريص على رأس ماله المحقق، أن يذهب في سبيل طلب ربح غير محقق ولكن لا، فالخوف آفة النجاح والعقبة في سبيل كل تقدم، كم شل من حركة وقاد إلى تهلكة وأن زين لأصحابه أنه ينجيهم من التهلكة، والجبان مقتول بالخوف، قبل أن يقتل بالسيف.
فيا أيها الشبان! أذكروا نعمة الله عليكم إذ هداكم للإيمان، واشكروه بإنقاذ من بقي لكم من الإخوان، حليف الشيطان، فأنتم في الأمة، تناط بكم كل مهمة، واذكروا قوله صلى الله عليه وسلم:"لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم"، احملوهم- قبل كل شيء- على الحضور إلى المسجد، فإنه (المطهر) وإن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر، وإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يبقي من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقي من