ولكننا نجهل هذه الحقيقة أو لا نهتم بها عندما نريد الاقتران بامرأة لا نختار المرأة التي تصلح لإدارة هذه المدرسة أي أننا لا ننشد في المرأة جانبها الأهم من خلق ودين وإنما نختار في المرأة متعة الحواس، نختار بياض وجهها وسواد عينيها، نختار حسن الظاهر ونغفل عما يخفيه وراءه من ظلمة نفس وانحطاط خلق والقبح في الحسناء كما يقول الشاعر لأن حسن المظهر كثيرا ما تسلح به القدرة المبدعة قبيحة المخبر (أي سيئه الخلق) لئلا يبقي في المعرض إلا لاهي لوحات لا قيمة لها وما أحذق شاعرنا ذا الرمة بصنعته إذ يقول:
على وجه مي مسحة من ملاحة ... وتحت الثياب الشين لو كان باديا
وهو يريد ما قلناه من أن حسن المظهر كثيرا ما يكون خادعا عن حسن المخبر وهو لا يريد بما تحت الثياب إلا النفس ويزيد معناه وضوحا بالتمثيل له بقوله:
ألم تر أن الماء يخبث طعمه ... وإن كان وجه الماء أبيض صافيا؟
إن الجمال الحقيقى هو جمال النفس الذي يعبر عنه حسن الخلق حسن التدين وحسن السلوك، لا فرق في ذلك بين رجل وامرأة.
أقبل علي النفس فاستكمل فضائلها ... فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
أما جمال القلب فالأولى أن يأتي في الدرجة الثانية وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرحم بنا من أنفسنا كما قال تعالى:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} فلم ير شيئا يصلح من شأننا إلا نبهنا إليه وحثنا عليه فإنه لم يتركنا في شيء أساسي كبناء البيت إلى عقولنا القاصرة بل لقد هدانا سواء السبيل إذ قال: "تنكح المرأه لأربع، لمالها ولحسبها وجمالها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك".
ولكن أين ذات الدين اليوم؟ هل نظفر بها في هذا المجتمع الأروبي المادي الذي لا يقيم للدين وزنا؟ هل تخرج لنا المدارس الأجنبية هذه المرأة؟ هل تتربى بناتنا في هذه المدارس على الخلق الإسلامي الذي يعصمها من كل فساد ويحوطها من كل إثم لتقيم لنا من بيتها- يوم أن تتزوج- معهدا إسلاميا يتقدم به المجتمع الإسلامي أم الأمر بالعكس؟ الجواب الشافي عند الآباء الذين لا يوجهون بناتهم في طريق المدرسة