وليست التوبة للذين يتعرفون إلى الله في رمضان، ويتمردون على دينه في شوال، ولا للذين يصلون إذا صاموا ويجعلون بينهم وبين الصلاة سدا إذا أفطروا، ولا للذين يعرفون الطريق إلى المسجد في رمضان، ويأخذون طريقهم إلى الحان بعد رمضان، ولسان حالهم يقول:
رمضان ولى هاتها يا ساقي ... مشتاقة تسعى إلى مشتاق
إن رمضان شهر التوبة، فلنتب من ذنوبنا، وشهر التطهر فلنتطهر من عيوبنا، وشهر المحبة فلنتحاب من صميم قلوبنا، وشهر اجتماع الشمل فلنجعله نواة لجمع شملنا، وشهر الصبر والثبات والتغلب على الشهوات، فلنصبر ولنثبت ولنتغلب على شهواتنا.
إن الذي أصبح يحز في نفوسنا أكثر من كل شيء، أن مجتمعنا اليوم مجتمع غريب عنا لا يصح أن نسميه مجتمعا إسلاميا بالمعنى الصحيح، فلنجعله مجتمعا إسلاميا ولو في رمضان على الأقل، ولكن فريقا من المسلمين الذين باعوا دينهم في سوق الشهوات، بدراهم معدودات، يعز عليهم أن يروا المجتمع الإسلامي ينبعث في رمضان، واضح الملامح والسمات، يبعث في النفوس الأمل والرجاء، ويحي في القلوب روح الغبطة والتفاؤل.
لذلك نراهم يضاعفون نشاطهم كلما جاء رمضان، لا ليجعلوا منه مجتمعا إسلاميا، بل ليجعلوا منه سوق مجون وخلاعة وصورة من الإباحية الغربية التي لا تتلاقى مع الإسلام في طريق، فهل نسمي هؤلاء مسلمين وهم قد ضربوا الإسلام في الصميم، وحادوا الله في شهر يعود فيه المخطئون إلى الله؟ فحيثما توجه المسلم في ليالي رمضان، راعه ما يسمعه من ألحان وضرب عيدان، يطغى على صوت الآذان وترتيل القرآن، فكأن هؤلاء المفسدين الذين تسموا رغم أنوفنا مسلمين قد وكلوا بالإسلام يحاربونه ويطاردونه ويقعدون له كل مرصد، والعجب العجيب أن يجد هؤلاء الضالون من يشجعونهم على ضلالهم ويؤيدونهم بأموالهم، {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ}. وهكذا فالتعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه قد حل محل التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله به، وهكذ عكس المسلمون الآية؟ {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. وهذا التشجيع للمبطلين قد غرهم