وإن الله لا ينظر إلى صورنا وإنما ينظر إلى قلوبنا، فإن هذه العناية بالشكل والصورة يقابلها إهمال تام لجانب القلب والروح، فإن حرمة الصوم لا تردنا عن كل ما يفسد القلب ويسيئ إلى الروح من الغيبة والنميمة والكذب وشهادة الزور والحنث في الإيمان وما إليها مما يتنافى مع قدسية الصوم.
إذا لم يكن للسمع منى تصاون ... وفي بصري غض وفى منطقي صمت
فحظي إذن من صومي الجوع والظما ... وإن قلت: إني صمت يوما فما صمت
إن في رمضان لفرصة ثمينة يجب أن نستغلها وأن نستفيد منها، إنه يجمع شمل الأمة في المسجد ويلاقي بين طبقات منها لا تتلاقي إلا في هذه المناسبة الطيبة وإني لأعرف أفرادا كثيرين من شبابنا لا يعرف لهم مكان إلا في المخمرة فإذا جاء رمضان لم أرهم إلا في المسجد، واستغلال هذه الفرصة هي أن نعرف كيف ننقذ هذه الطبقات التي لا تشعر بواجبها ولا تعرف ربها إلا في رمضان، يجب أن نشعرها بمسؤليتها، يجب أن نوقظ ضميرها ووجدانها، يجب أن نقاوم فيها أنانيتها واستسلامها لشهواتها يجب أن نحارب فيها هذه المعاملة الجائرة لدينها إذ تقبل عليه شهرا واحدا في السنة وتتفرغ لشهواتها سائر شهور السنة، يجب أن ننبهها إلى أن التوبة في رمضان ونقضها في شوال استهزاء بالله ونقض لعهده {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}.