للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوسط قومه نسبا، وأعظمهم شرفا، من قبل أبيه وأمه صلى الله عليه وسلم، ويزعمون فيما يتحدث الناس، والله أعلم، أن أمه كانت تحدث أنها أتيت حين حملت به، فقيل لها: إنك قد حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وقع إلى الأرض فقولى: أعيذه بالواحد من شر كل حاسد، ثم سميه محمدا.

ثم لم يلبث عبد الله بن عبد المطلب، أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن هلك وأمه حامل به.

هذا قول ابن إسحاق «١» . وخالفه كثير من العلماء، فقالوا: إن النبى صلى الله عليه وسلم كان فى المهد حين توفى أبوه. ذكره الدولابى وغيره. وذكر ابن أبى خيثمة أنه كان ابن شهرين، وقيل أكثر من ذلك. والله أعلم.

وولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، لاثنتى عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول عام الفيل. قيل: بعد الفيل بخمسين يوما «٢» .

وحكى الواقدى عن سليمان بن سحيم قال: كان بمكة يهودى يقال له يوسف، فلما كان اليوم الذى ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يعلم به أحد من قريش قال: يا معشر قريش قد ولد نبى هذه الأمة فى بحرتكم هذه اليوم. وجعل يطوف فى أنديتهم فلا يجد خبرا، حتى انتهى إلى مجلس عبد المطلب فسأل فقيل له: ولد لابن عبد المطلب غلام.

فقال: هو نبى والتوراة.

وقال حسان بن ثابت: والله إنى لغلام يفعة ابن سبع سنين أو ثمان أعقل كل ما


(١) انظر: السيرة (١/ ١٤٠- ١٤١) .
(٢) هذا قول ابن إسحاق. انظر: السيرة (١/ ١٤٢) . وذكره ابن كثير فى البداية باب مولد النبى صلى الله عليه وسلم (٢/ ٢٦٤- ٢٦٧) وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد عام الفيل على قول الجمهور، فقيل: بعده بشهر، وقيل: بأربعين يوما، وقيل: بخمسين يوما، وهو أشهر. وعن أبى جعفر الباقر: كان قدوم الفيل للنصف من المحرم ومولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده بخمس وخمسين ليلة، وقال آخرون: بل كان عام الفيل قبل مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر سنين قاله ابن أبزى. وقيل: بثلاث وعشرين سنة، رواه شعيب بن شعيب عن أبيه عن جده. وقيل: بعد الفيل بثلاثين سنة، قاله موسى بن عقبة عن الزهرى رحمه الله، واختاره موسى بن عقبة أيضا رحمه الله. وقال أبو زكريا العجلانى: بعد الفيل بأربعين عاما، رواه ابن عساكر وهذا غريب جدا، وأغرب منه ما قال خليفة بن خياط: حدثنى شعيب بن حبان عن عبد الواحد بن أبى عمرو عن الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس، قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الفيل بخمس عشرة سنة، وهذا حديث غريب ومنكر وضعيف أيضا، قال خليفة بن خياط: والمجتمع عليه أنه عليه السلام ولد عام الفيل.