للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسمع إذا سمعت يهوديا يصرخ على أطمة بيثرب: يا معشر يهود. حتى إذا اجتمعوا قالوا: ويلك! مالك! قال: طلع الليلة نجم أحمد الذى ولد به «١» .

وذكر ابن السكن من حديث عثمان بن أبى العاص عن أمه فاطمة بنت عبد الله، أنها شهدت ولادة آمنة بنت وهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا. قالت: فما شىء أنظر إليه من البيت إلا نور، وإنى لأنظر إلى النجوم تدنو حتى إنى لأقول لتقعن على.

وذكر ابن مخلد فى تفسيره أن إبليس رن أربع رنات، رنة حين لعن، ورنة حين أهبط، ورنة حين ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورنة حين أنزلت فاتحة الكتاب!

قال ابن إسحاق «٢» : فلما وضعته أمه أرسلت إلى جده عبد المطلب أنه قد ولد لك غلام، فائته فانظر إليه. فأتاه ونظر إليه، وحدثته بما رأت حين حملت به، وما قيل لها فيه، وما أمرت أن تسميه.

فيزعمون أن عبد المطلب أخذه فدخل به الكعبة فقام يدعو الله ويشكر له ما أعطاه، ثم خرج به إلى أمه فدفعه إليها. ويروى أن عبد المطلب إنما سماه محمدا لرؤيا رآها.

زعموا أنه أرى فى منامه كأن سلسلة من فضة خرجت من ظهره لها طرف فى السماء وطرف فى الأرض وطرف فى المشرق وطرف فى المغرب، ثم عادت كأنها شجرة على كل ورقة منها نور، وإذا أهل المشرق والمغرب يتعلقون بها.

فقصها فعبرت له بمولود يكون من صلبه يتبعه أهل المشرق والمغرب ويحمده أهل السماء والأرض. فلذلك سماه محمدا، مع ما حدثته أمه.

ولا يعرف فى العرب أحد تسمى بهذا الاسم قبله، سوى نفر سموا به من أجله منهم محمد بن سفيان بن مجاشع التميمى، ومحمد بن أحيحة بن الجلاح، وآخر من ربيعة.

وكان آباؤهم قد وفدوا على بعض الملوك ممن كان عنده علم بالكتاب الأول، فأخبرهم بمبعث النبى صلى الله عليه وسلم وتقارب زمانه، وباسمه، وكان كل واحد منهم قد خلف امرأته حاملا، فنذر كل واحد منهم إن ولد له ذكر أن يسميه محمدا.

ففعلوا ذلك رجاء أن يكونه. والله أعلم حيث يجعل رسالاته. وقد وقع فى مواضع أخر أن هؤلاء النفر كانوا أربعة، ولم يذكر فيهم محمد بن أحيحة، وحديثهم مخالف لما ذكرناه خلافا يسيرا.


(١) ذكره البيهقى فى دلائل النبوة (١/ ٩١) .
(٢) انظر: السيرة (١/ ١٤٣) .