قال أبو هريرة: فأمسكوا ساعة حتى حفظوا ذلك ثم تفرقوا، فلم تمض بهم ثالثة حتى فجأهم خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد ظهر بمكة. قال: فما أسلم الخثعميون حتى استأخر إسلامهم ورأوا عبرا عند صنمهم.
وذكر الواقدى أيضا أن رجلا من الأنصار حدث عمر بن الخطاب رضى الله عنه، قال: انطلقت أنا وصاحبان لى نريد الشام، حتى إذا كانا بقفرة من الأرض نزلنا بها، فبينا نحن كذلك لحقنا راكب، فكنا أربعة وقد أصابنا سغب شديد، والتفت فإذا أنا بظبية عضباء ترتع قريبا منى فوثبت إليها. فقال الرجل الذى لحقنا: خل سبيلها، لا أبا لك، والله لقد رأيتنا ونحن نسلك هذا الطريق ونحن عشرة أو أكثر فيختطف بعضنا بعضا، فما هو إلا أن كانت هذه الظبية فما يهاج بها أحد.
فأبيت وقلت: لا لعمر الله لا أخليها، فارتحلنا وقد شددتها معى، حتى إذا ذهب سدف من الليل إذا هاتف يهتف بنا ويقول:
يا أيها الركب السراع الأربعه ... خلوا سبيل النافر المفزعه
خلوا عن العضباء فى الوادى سعه ... لا تذبحن الظبية المروعه
فيها لأيتام صغار منفعه
قال: فخليت سبيلها، ثم انطلقنا حتى أتينا الشام، فقضينا حوائجنا، ثم أقبلنا حتى إذا كنا بالمكان الذى كنا فيه هتف بنا هاتف من خلفنا:
إياك لا تعجل وخذها من ثقه ... فإن شر السير سير الحقحقه