فارحل إلى الصفوة من هاشم ... ليس قداماها كأدبارها
وأتاه فى الليلة الثالثة بعدما نام، فضربه برجله وقال: قم يا سواد بن قارب أتاك رسول الله صلى الله عليه وسلم من لؤى بن غالب قال: فرفعت رأسى فجلست، فأدبر وهو يقول:
عجبت للجن وإبلاسها ... ورحلها العيس بأحلاسها
تهوى إلى مكة تبغى الهدى ... ما مؤمنوها مثل أرجاسها
فارحل إلى الصفوة من هاشم ... وارم بعينيك إلى رأسها
قال: فلما أصبحت اقتعدت بعيرى فأتيت مكة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ظهر، فأخبرته الخبر وبايعته. وفى بعض طرق حديثه أنه أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم شعرا منه فى معنى ما جاءه به رئيه «١» :
أتانى رئى بعد هدء وهجعة ... ولم يك فيما قد بلوت بكاذب
ثلاث ليال قوله كل ليلة ... أتاك رسول من لؤى بن غالب
فرفعت أذيال الإزار وشمرت ... بى العرمس الوجنا هجول السباسب
فأشهد أن الله لا شىء غيره ... وأنك مأمون على كل غائب
وأنك أدنى المرسلين وسيلة ... إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب
فمرنا بما يأتيك من وحى ربنا ... وإن كان فيما جئت شيب الذوائب
وكن لى شفيعا حين لا ذو قرابة ... بمغن فتيلا عن سواد بن قارب
ولسواد بن قارب هذا مقام حميد فى قومه دوس، حين بلغهم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يثبتهم فى الدين ويحضهم على التمسك بالإسلام، سنذكره إن شاء الله مع نظائره بعد استيفاء الخبر عن وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذكر الواقدى بإسناد له قال: كان أبو هريرة يحدث أن قوما من خثعم كانوا عند صنم لهم جلوسا، وكانوا يتحاكمون إلى أصنامهم، فيقال لأبى هريرة: هل كنت أنت تفعل ذلك؟ فيقول: قد والله فعلت فأكثرت، فالحمد لله الذى تنقذنى بمحمد صلى الله عليه وسلم.
قال أبو هريرة: فبينا الخثعميون عند صنمهم إذ سمعوا هاتفا يهتف:
يا أيها الناس ذوو الأجسام ... ومسندو الحكم إلى الأصنام
أكلكم أوره كالكهام
(١) ذكرها فى الاستيعاب (٢/ ٢٢٤) .