للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرت به روح المؤمن منهم سر بها وإذا مرت به روح الكافر منهم أنف منها وكرهها.

قال: ثم رأيت رجالا لهم مشافر كمشافر «١» الإبل، فى أيديهم قطع من نار كالأفهار «٢» يقذفونها فى أفواههم فتخرج من أدبارهم، قلت: من هؤلاء يا جبريل؟

قال: هؤلاء أكلة أموال اليتامى ظلما.

ثم رأيت رجالا لهم بطون لم أر مثلها قط، بسبيل آل فرعون، يمرون عليهم كالإبل المهيومة «٣» حتى يعرضوا على النار، يطأونهم لا يقدرون على أن يتحولوا من مكانهم ذلك. قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء أكلة الربا.

ثم رأيت رجالا بين أيديهم لحم سمين طيب إلى جنبه لحم غث منتن، يأكلون من الغث المنتن ويتركون السمين الطيب، قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يتركون ما أحل الله لهم من النساء، ويذهبون إلى ما حرم الله عليهم منهن.

ثم رأيت نساء معلقات بثديهن، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء اللاتى أدخلن على الرجال من ليس من أولادهم. قال: ثم صعد بى إلى السماء الثانية فإذا فيها ابنا الخالة عيسى ابن مريم، ويحيى بن زكريا.

قال: ثم أصعد بى إلى السماء الثالثة فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة البدر، قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أخوك يوسف بن يعقوب، ثم أصعد بى إلى السماء الرابعة، فإذا فيها رجل، فسألته من هو؟ فقال: هذا إدريس. قال: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا [مريم: ٥٧] .

قال: ثم أصعد بى إلى السماء الخامسة فإذا فيها كهل أبيض الرأس واللحية عظيم العثنون لم أر كهلا أجمل منه. قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا المحبب فى قومه:

هارون بن عمران.

قال: ثم أصعد بى إلى السماء السادسة فإذا فيها رجل آدم طويل أقنى كأنه من رجال شنوءة فقلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أخوك موسى بن عمران.


(١) مشافر: جمع شفر، وهو للبعير كالشفة للإنسان والجعفلة للفرس. انظر: اللسان (مادة شفر) .
(٢) الأفهار: جمع فهر بكسر فسكون وهو الحجر قدر ما يدق به الجوز ونحوه وتصغيرها فهير. انظر: اللسان (مادة فهر) .
(٣) المهيومة: العطشى، وقيل: هو من الداء، وقيل: الهيم الإبل التى يصيبها داء فلا تروى من الماء.