للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أصعد بى إلى السماء السابعة فإذا كهل جالس على كرسى إلى باب البيت المعمور، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يرجعون فيه إلى يوم القيامة، لم أر رجلا أشبه بصاحبكم ولا صاحبكم أشبه به منه. قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أبوك إبراهيم.

ثم دخل بى الجنة فرأيت فيها جارية لعساء فسألتها لمن أنت؟ وقد أعجبتنى فقالت:

لزيد بن حارثة. فبشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا.

ومن حديث عبد الله بن مسعود «١» أن جبريل لم يصعد به إلى سماء من السموات إلا قالوا له حين يستأذن فى دخولها: من هذا يا جبريل؟ فيقول: محمد. فيقولون: أو قد بعث؟ فيقول: نعم. فيقولون حياه الله من أخ وصاحب. حتى انتهى به إلى السماء السابعة، ثم انتهى به إلى ربه، ففرض عليه خمسين صلاة كل يوم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأقبلت راجعا فلما مررت بموسى بن عمران، ونعم الصاحب كان لكم، سألنى: كم فرض عليك من الصلاة؟ فقلت: خمسين صلاة فى كل يوم.

قال: إن الصلاة ثقيلة وإن أمتك ضعيفة، فارجع إلى ربك فسله أن يخفف عنك وعن أمتك. فرجعت فسألت ربى فوضع عنى عشرا، ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لى مثل ذلك، فرجعت فسألت ربى فوضع عنى عشرا ثم لم يزل يقول لى مثل ذلك كلما رجعت إليه، فأرجع فأسأل حتى انتهيت إلى أن وضع عنى ذلك إلا خمس صلوات فى كل يوم وليلة.

ثم رجعت على موسى فقال لى مثل ذلك، فقلت: قد راجعت ربى وسألته حتى استحييت منه، فلما أنا بفاعل. فمن أداهن منكم إيمانا واحتسابا لهن كان له أجر خمسين صلاة «٢» .

قال ابن إسحاق «٣» : فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر الله صابرا محتسبا مؤديا إلى قومه النصيحة، على ما يلقى منهم من التكذيب والأذى والاستهزاء، وكان عظماء المستهزئين خمسة نفر من قومه، وكانوا ذوى أسنان وشرف فى قومهم: الأسود بن المطلب الأسدى، أبو زمعة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنى قد دعا عليه لما كان يبلغه من أذاه


(١) انظر: السيرة (٢/ ١٧) .
(٢) انظر الحديث فى: صحيح مسلم كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم (١/ ٢٥٩) .
(٣) انظر: السيرة (٢/ ١٩) .