للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذى ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا «١» . وأصبح صوت بمكة عال يسمعون الصوت بمكة علا يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه، وهو يقول:

جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين قالا خيمتى أم معبد

هما نزلاها بالهدى فاهتدت به ... فقد فاز من أمسى رفيق محمد

فيا لقصى ما زوى الله عنكم ... به من فعال لا تجارى وسؤدد

ليهن بنى كعب مقام فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد

سلوا أختكم عن شاتها وإنائها ... فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد

دعاها بشاة حائل فتحلبت ... له بصريح ضرة الشاة مزبد

فغادرها رهنا لديها لحالب ... يرددها فى مصدر ثم مورد

فلما سمع بذلك حسان بن ثابت جعل يجاوب الهاتف ويقول:

لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم ... وقدس من يسرى إليهم ويغتدى

ترحل عن قوم فضلت عقولهم ... وحل على قوم بنور مجدد

هداهم به بعد الضلالة ربهم ... وأرشدهم من يتبع الحق يرشد

وهل يستوى ضلال قوم تسكعوا ... عمى وهداة يهتدى بمهتدى

لقد نزلت منهم على أهل يثرب ... ركاب هدى حلت عليهم بأسعد

نبى يرى ما لا يرى الناس حوله ... ويتلو كتاب الله فى كل مسجد

وإن قال فى يوم مقالة غائب ... فتصديقها فى اليوم أو فى ضحى الغد

ليهن أبا بكر سعادة جده ... بصحبته من يسعد الله يسعد

وذكر أبو منصور محمد بن سعد الماوردى بإسناد له إلى قيس بن النعمان قال: لما انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معه يستخفيان فى الغار فمرا بعبد يرعى غنما فاستسقياه من اللبن فقال: والله ما لى شاة تحلب، غير أن هاهنا عناقا حملت أول الشاء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ائتنا بها» . فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة ثم حلب عسا فسقى أبا بكر، ثم حلب آخر فسقى الراعى، ثم حلب فشرب.

فقال العبد: من أنت؟ فو الله ما رأيت مثلك قط! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتراك إن


(١) انظر الحديث فى: طبقات ابن سعد (١/ ١/ ١٥٥) ، دلائل النبوة للبيهقى (١/ ٢٧٨) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٦/ ٥٦) ، إتحاف السادة المتقين للزبيدى (٧/ ١٥٩، ١٨٦) ، مشكاة المصابيح للتبريزى (٥٩٤٣) ، كنز العمال للمتقى الهندى (٤٦٣٠٠) .