للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله صلى الله عليه وسلم رايتان سوداوان، إحداهما مع على بن أبى طالب- رضى الله عنه- والأخرى مع بعض الأنصار، وجعل على الساقة قيس بن أبى صعصعة أخا بنى مازن بن النجار، وكانت راية الأنصار مع سعد بن معاذ فيما قال ابن هشام.

فسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم طريقة من المدينة إلى مكة حتى إذا كان قريبا من الصفراء بعث بسبس بن عمرو «١» ، وعدى بن أبى الزغباء «٢» الجهينيين إلى بدر يتجسسان له الأخبار عن أبى سفيان وغيره.

فمضيا حتى نزلا بدرا، فأناخا إلى تل قريب من الماء، فسمعا جاريتين من جوارى الحاضر تتلازما على الماء، والملزومة تقول لصاحبتها: إنما ترد العير غدا أو بعده فأعمل لهم ثم أقضيك. فقال مجدى بن عمرو، وكان على الماء: صدقت، ثم خلص بينهما.

فلما سمع بذلك عدى وبسبس، انطلقا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه.

ثم تقدم أبو سفيان العير حذرا حتى ورد الماء، فقال لمجدى: هل أحسست أحدا؟

قال: لا، إلا أنى قد رأيت راكبين أناخا إلى هذا التل، ثم استقيا فى شن لهما، ثم انطلقا.

فأتى أبو سفيان مناخهما، فأخذ من أبعار بعيريهما ففته فإذا فيه النوى، فقال: هذه والله علائف يثرب! فأسرع إلى اصحابه فضرب وجه عيره عن الطريق فساحل بها، وترك بدرا بيساره.

ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى واديا يقال له: «ذفران» ، فجزع فيه، ثم نزل.

وأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم، فأخبر الناس واستشارهم.

فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله، امض لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام: «اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون» ، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فو الذى بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه.


(١) انظر ترجمته فى: الإصابة ترجمة رقم (٨١٠) ، أسد الغابة ترجمة رقم (٤٠٥) ، تجريد أسماء الصحابة (١/ ٤٨) ، معرفة الصحابة (٣/ ١٧٥) .
(٢) انظر ترجمته فى: الإصابة ترجمة رقم (٥٤٩٨) ، أسد الغابة ترجمة رقم (٣٦١٣) ، الثقات (٣/ ٣١٦) ، تجريد أسماء الصحابة (١/ ٣٧٧) .