للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلى الله عليه وسلم قد نهانا عن قتلك، ومع أبى البخترى زميل له خرج معه من مكة، قال: وزميلى؟

قال المجذر: لا والله ما نحن بتاركى زميلك، ما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بك وحدك.

قال: إذا والله لأموتن أنا وهو جميعا، لا تحدث عنى نساء مكة إنى تركت زميلى حريصا على الحياة، وقال يرتجز:

لن يسلم ابن حرة زميله ... حتى يموت أو يرى سبيله

ثم اقتتلا فقتله المجذر، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: والذى بعثك بالحق لقد جهدت عليه أن يستأسر فآتيك به فأبى إلا أن يقاتلنى فقاتلته فقتلته.

هذا الذى ذكر ابن إسحاق فى قتل أبى البخترى «١» .

وقال موسى بن عقبة: يزعم ناس أن أبا اليسر قتل أبا البخترى ويأبى أعظم الناس إلا أن المجذر هو الذى قتله.

ثم أضرب ابن عقبة عن القولين، وقال: بل قتله- غير شك- أبو داود المازنى وسلبه سيفه فكان عند بنيه حتى باعه بعضهم من بعض بنى أبى البخترى.

وكان المجذر قد ناشده أن يستأسره، وأخبره بنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتله، فأبى أبو البخترى أن يستأسر وشد عليه المجذر بالسيف وطعنه الأنصارى، يعنى أبا داود المازنى، بين ثدييه فأجهز عليه فقتله.

ويومئذ قال المجذر فيما ذكروا:

إما جهلت أو نسيت نسبى ... فأثبت النسبة أنى من بلى

الطاعنين برماح اليزنى ... والضاربين الكبش حتى ينحنى

بشر بيتم من أبوه البخترى ... أو بشرن بمثلها منى بنى

أنا الذى يقال أصلى من بلى ... أطعن بالصعدة حتى تنثنى

وأعبط القرن بعضب مشرفى ... أرزم للموت كإرزام المرى

فلا ترى مجذرا يفرى فرى

وقال عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه: كان أمية بن خلف لى صديقا بمكة، وكان اسمى عبد عمرو، فلما أسلمت تسميت عبد الرحمن، فكان يلقانى فيقول: يا عبد عمرو، أرغبت عن اسم سماكه أبوك؟ فأقول نعم. فيقول: فإنى. لا أعرف الرحمن،


(١) انظر السيرة (٢/ ٢٣٣) .