للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاجعل بينى وبينك شيئا أدعوك به، أما أنت فلا تجيا بنى باسمك الأول، وأما أنا فلا أدعوك بما لا أعرف. فقلت له: يا أبا علىّ، اجعل ما شئت. قال: فأنت عبد الإله.

فقلت: نعم.

حتى إذا كان يوم بدر مررت به وهو واقف مع ابنه على آخذ بيده ومعى أدراع لى قد استلبتها فأنا أحملها، فلما رآنى قال: يا عبد عمرو. فلم أجبه فقال: يا عبد الإله.

فقلت: نعم. قال: هل لك فىّ فأنا خير لك من هذه الأدراع؟ قلت: نعم.

فطرحت الأدراع من يدى وأخذت بيده ويد ابنه، وهو يقول: ما رأيت كاليوم قط! أما لكم حاجة فى اللبن؟ يريد الفداء.

وقال عبد الرحمن: قال لى أمية وأنا بينه وبين ابنه آخذ بأيديهما: من الرجل منكم المعلم بريشة نعامة فى صدره؟ زائده قلت: ذلك حمزة بن عبد المطلب. قال: ذلك الذى فعل بنا الأفاعيل.

قال عبد الرحمن: فو الله، إنى لأقودهما إذ رآه بلال، وكان هو الذى يعذبه بمكة على ترك الإسلام، فيخرجه إلى رمضاء مكة إذا حميت فيضجعه على ظهره ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ثم يقول: لا تزال هكذا أو تفارق دين محمد. فيقول بلال:

أحد أحد. فلما رآه قال: رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجوت، قال: قلت أى بلال أبأسيرى؟!

قال: لا نجوت إن نجا. قلت: أتسمع يا ابن السوداء؟ قال: لا نجوت إن نجا. ثم صرخ بأعلى صوته: يا أنصار الله، رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا.

فأحاطوا بنا حتى جعلونا فى مثل المسكة، وأنا اذب عنه، فأخلف رجل السيف فضرب رجل ابنة فوقع، وصاح أمية صيحة ما سمعت مثلها قط، فقلت: انج بنفسك، ولا نجاء به، فو الله ما أغنى عنك شيئا، فهبروهما بأسيافهم حتى فرغوا منهما، فكان عبد الرحمن يقول: رحم الله بلالا، ذهبت أدراعى وفجعنى بأسيرى.

وقاتلت الملائكة يوم بدر. قال ابن عباس: ولم تقاتل فى يوم سواه، وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عددا ومددا لا يضربون، وكانت سماهم يوم بدر عمائم بيضاء، قد أرسلوها فى ظهروهم، ويوم حنين عمائم حمرا.