للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر ابن هشام «١» عن على- رضى الله عنه- فى سيماهم يوم بدر مثل ما قال ابن عباس، إلا جبريل، فإن فى حديث على أنه كانت عليه عمامة صفراء.

وقال ابن عباس: حدثنى رجل من غفار قال: أقبلت أنا وابن عم لى حتى أصعدنا فى حيل يشرف بنا على بدر، ونحن مشركان ننظر لمن تكون الدبرة فننتهب مع من ينتهب؛ فبينا نحن فى الجبل إذ دنت منا سحابة فسمعنا فيها حمحمة الخيل، فسمعت قائلا يقول:

أقدم حيزوم. فأما ابن عمى فانكشف قناع قلبه فمات مكانه، وأما أنا فكدت أهلك ثم تماسكت.

وقال أبو أسيد الساعدى بعد أن ذهب بصره، وكان شهد بدرا: لو كنت اليوم ببدر ومعى بصرى لأريتكم الشعب الذى خرجت منه الملائكة، لا أشك ولا أتمارى.

وقال أبو داود المازنى: إنى لأتبع رجلا من المشركين يوم بدر لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفى، فعرفت أنه قد قتله غيرى.

فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدوه أمر بأبى جهل أن يلتمس فى القتلى، وقال لهم:

«انظروا إن خفى عليكم فى القتلى إلى أثر جرح فى ركبته، فإنى ازدحمت يوما أنا وهو على مأدبة لعبد الله بن جدعان ونحن غلامان وكنت أشف منه بيسير، فدفعته فوقع على ركبتيه فجحشت فى إحداهما جحشا لم يزل أثره به» «٢» .


(١) انظر السيرة (٢/ ٢٣٧) .
(٢) ذكر ابن الجوزى فى المنتظم (٣/ ١١٥) فى ذكر مقتل أبى جهل قصة أصح من هذا وهى فى صحيح البخارى، فقال: أخبرنا عبد الأول، قا: أخبرنا الداوودى، قال: أخبرنا ابن أعين، قال: أخبرنا الفربرى، قال: حدثنا البخارى، قال: أخبرنا مسدد، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب الماجشون، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن جده عبد الرحمن، أنه قال: بينا أنا واقف فى الصف يوم بدر، فنظرت عن يمينى وعن شمالى، فإذا أنا بغلامين من الأنصار، حديثه أسنانهما، تمنيت لو كنت بين أضله منهما، فغمزنى أحدهما، فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قلت: نعم، وما حاجتك إليه يا ابن أخى؟ قال: بلغنى أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذى نفسى بيده لئن رأيته لم يفارق سوادى سوداه حتى يموت الأعجل منا، قال: فغمزنى الآخر، فقال لى مثلها، فتعجبت لذلك ثم لم أنشب أن نظرت إلى أبى جهل يجول فى الناس، فقلت لهما: ألا تريان هذا صاحبكما الذى تسألان عنه، فابتدراه فاستقبلهما فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه، فقال: «أيكما قتله؟» فقال كل واحد منهما: أنا قتلته، قال: «مسحتما سيفيكما؟» ، قالا: لا، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى السيفين، فقال: «كلا كما قتله» ، وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح.