للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان من حديث عدو الله يوم بدر أنه لما التقى الناس ودنا بعضهم من بعض قال:

اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة. فكان هو المستفتح، وأقبل يرتجز وهو يقول:

ما تنقم الحرب العوان منى ... بازل عامين حديث سنى

لمثل هذا ولدتنى أمى

وكان أول من لقيه ذكر معاذ بن عمرو بن الجموح أخو بنى سلمة، قال: سمعت القوم وأبو جهل فى مثل الحربة يقولون: أبو الحكم لا يخلصن إليه.

فلما سمعتها جعلته من شأنى فصمدت نحوه، فلما أمكننى حملت عليه فضربته ضربة أطنت قدمه بنصف ساقة، فضربنى ابنه عكرمة على عاتقى فطرح يدى فتعلقت بجلدة من جنبى، وأجهضنى القتال عنه، فلقد قاتلت عامة يومى وإنى لأسحبها خلفى، فلما آذتنى وضعت عليها قدمى ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها وعاش بعد ذلك معاذ هذا- رحمه الله- إلى زمان عثمان رضى الله عنه.

ثم مر بأبى جهل، وهو عقير، معوذ بن عفراء فضربه حتى أثبته فتركه وبه رمق، وقاتل معوذ حتى قتل.

فمر عبد الله بن مسعود بأبى جهل حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتماسه فى القتلى. قال عبد الله: وقد كان ضبث بى مرة بمكة فآذانى ولكزنى، فوجدته بآخر رمق فعرفته فوضعت رجلى على عنقه ثم قلت له: أخزاك الله يا عدو الله! قال: وبماذا أخزانى؟

أعمد من رجل قتلتموه، أخبرنى لمن الدائرة اليوم؟ قلت: لله ولرسوله.

ثم احتززت رأسه، ثم جئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله هذا رأس عدو الله أبى جهل. فقال: «آلله الذى لا إله غيره؟» «١» وكانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت:

نعم، والله الذى لا إله غيره. ثم ألقيت رأسه بين يديه، فحمد الله.

وخرج مسلم فى صحيحه عن عبد الرحمن بن عوف، قال: بينا أنا واقف فى الصف


- وقال ابن الجوزى هما: معاذ بن عمرو، ومعاذ بن عفراء. قلت: والحديث أخرجه: البخارى فى صحيحه (٦/ ٢٤٦) ، مسلم فى صحيحه كتاب الجهاد والسير (٣/ ٤٢) ، أحمد فى المسند (١/ ١٩٣) .
(١) انظر الحديث فى: السنن الكبر للبيهقى (٩/ ٦٢) ، تاريخ الطبرى (٢/ ٣٧) ، البداية والنهاية لابن كثير (٣/ ٢٨٨) .