للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم بين تعالى لرسوله الحكم فى أموالهم وأنها نفل له لا سهم لأحد فيها معه فقال عز ذكره وجل قوله: وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن أراه الله من المهاجرين الأولين كما تقدم، وأعطى منها الرجلين المسميين من الأنصار.

وقال على بن أبى طالب يذكر إجلاء بنى النضير وما تقدم قبل ذلك من قتل كعب ابن الأشرف، ويقال: بل قالها رجل من المسلمين غير علىّ:

عرفت ومن يعتدل يعرف ... وأيقنت حقا ولم أصدف «١»

عن الكلم المحكم اللاء من ... لدى الله ذى الرأفة الأراف

رسائل تدرس فى المؤمنين ... بهن اصطفى أحمد المصطفى

فأصبح أحمد فينا عزيزا ... عزيز المقامة والموقف «٢»

فيا أيها الموعدوه سفاها ... ولم يأت جورا ولم يعنف «٣»

ألستم تخافون أدنى العذاب ... وما آمن الله كالأخوف

وأن تصرعوا تحت أسيافه ... كمصرع كعب أبى الأشرف

غداة رأى الله طغيانه ... وأعرض كالجمل الأحنف

فأنزل جبريل فى قتله ... بوحى إلى عبده ملطف

فدس الرسول رسولا له ... بأبيض ذى هبة مرهف

فباتت عيون له معولات ... متى ينع كعب لها تذرف «٤»

وقلن لأحمد ذرنا قليلا ... فإنا من النوح لم نشتف

فخلاهم ثم قال اظعنوا ... دحورا على رغم الآنف

وأجلى النضير إلى غربة ... وكانوا بدار ذوى زخرف

إلى أذرعات ردافى وهم ... على كل ذى دبر أعجف «٥»


(١) لم أصدف: لم أعرض.
(٢) المقامة: موضع الإقامة.
(٣) السفاه: الضلال. لم يعتف: أى لم يأتى غير العفة.
(٤) معولات: باكيات بصوت مرتفع. ينعى: يذكر خبر قتله. تذرف: تسيل بالدموع.
(٥) أذرعات: بلد فى أطراف الشام يجاور أرض البلقاء ينسب إليها الخمر. انظر: معجم البلدان (١/ ١٣٠) .