للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له، فدعا حسان وصفوان، فقال صفوان: يا رسول الله، آذانى وهجانى فاحتملنى الغضب فضربته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان: «يا حسان، أتشوهت على قومى أن هداهم الله للإسلام؟» ثم قال: «أحسن يا حسان فى الذى أصابك» «١» . قال: هى لك. فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عوضا منها بئر «حاء» ماء كان لأبى طلحة بالمدينة فتصدق به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضعه حيث شاء فأعطاه حسان فى ضربته، وأعطاه «سيرين» أمة قبطية ولدت له ابنه عبد الرحمن.

وقد روى من وجوه أن إعطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه سيرين إنما كان لذبه بلسانه عن النبى صلى الله عليه وسلم. والله تعالى أعلم.

وكانت عائشة- رحمها الله- تقول: لقد سئل عن ابن المعطل فوجدوه حصورا لا يأتى النساء ثم قتل بعد ذلك شهيدا.

وقال بعد ذلك حسان يمدح عائشة- رضى الله عنها- ويعتذر من الذى كان فى شأنها:

حصان رزان ما تزن بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل «٢»

عقيلة حى من لؤى بن غالب ... كرام المساعى مجدهم غير زائل

مهذبة قد طيب الله جنبها ... وطهرها من كل سوء وباطل

فإن كنت قد قلت الذى قد زعمتم ... فلا رفعت سوطى إلى أناملى

وكيف وودى ما حييت ونصرتى ... لآل رسول الله زين المحافل

له رتب عال على الناس كلهم ... تقاصر عنه سورة المتطاول

فإن الذى قد قيل ليس بلائط ... ولكنه قول امرئ بى ماحل

وقال قائل من المسلمين فى ضرب حسان وصاحبيه فى فريتهم على عائشة رضى الله عنها:

لقد ذاق حسان الذى كان أهله ... وحمنة إذ قالوا هجيرا ومسطح

تعاطوا برجم الغيب زوج نبيهم ... وسخطة ذى العرش الكريم فأترحوا

وآذوا رسول الله فيها فجللوا ... مخازى تبقى عمموها وفضحوا


(١) انظر الحديث فى: البداية والنهاية لابن كثير (٤/ ١٦٣) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٩/ ٢٣٤) .
(٢) الحصان: أى العفيفة. والرزان: أى الملازمة موضعها. وما تزن: أى ما تتهم. وغرثى: أى جائعة.